«المسافر» هو الشعار الذي يرفعه «مهرجان كابريوليه» في دورته التاسعة. بدءاً من اليوم حتى 11 حزيران (يونيو)، تنطلق عروض الأفلام القصيرة على درج مار نقولا في الجميزة. تدور مواضيع أعمال هذا العام، حول ثيمة التنقّل في المكان والزمن. يستوحي المهرجان عادة عنوانه وثيمة الأفلام المشاركة من الوضع العام في المنطقة. عن هذه الدورة، يقول مدير المهرجان ابراهيم سماحة، في اتصال مع «الأخبار» إنّ مواضيع الأفلام لا تقتصر فقط على النزوح والهجرة بسبب الظروف السياسية والأمنية، بل حول السفر أيضاً كخيار وشغف.
يشهد المهرجان مشاركة حوالى عشرة بلدان، فيما يشكّل ثمرة تعاون مع أكثر من 22 مهرجاناً عالمياً، ما يقتضي أيضاً مشاركة الأفلام القصيرة اللبنانية في هذه المهرجانات العالمية. يقول سماحة: «أحياناً نلجأ إلى السفارات لنتعرف من خلالها إلى المهرجانات أو الأعمال السينمائية غير المعروفة بالنسبة إلينا».
وعن اختيار رودريغ سليمان في إعلان المهرجان، يعلّق سماحة بأنّ «تكريم ممثل لبناني كما في كل عام، هو نوع من تحية من المهرجان وتذكير بجهود هذا الممثل وعطاءاته». يشرح أن الفكرة خلف «الإعلان الترويجي أنّ رودريغ، حين ينطلق وينظر خلفه، يرى أنه ترك طفولته، أي شيئاً منه في هذا المكان. والأفلام التي اختارها المهرجان أيضاً، تعالج أثر هذا الانتقال في المكان، على الإنسان وعلى الأطفال خاصة».

«شهر عسلي» عن اللاجئين السوريين إلى بلغاريا



الى جانب قصص البحر المتوسط وما حمله من مآس بسبب موجات النزوح والهجرة المكثفّة في الآونة الأخيرة، يعرض المهرجان حكايات عن تجوال شخص في مدينته أو خيارات كتغيير مكانه بحثاً عن حياة أفضل.
ما زالت الأعمال تتركز على الهجرة في قوارب الموت في المتوسط، وبرّاً نحو أوروبا، لتوثّق هذه المأساة المستمرة. مثلاً، «شهر عسلي» (4 د ــ سويسرا) لإيلان هوفر يتحدث عن آلاف اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى بلغاريا بحثاً عن ملجأ. أما الشريط الإيطالي «انجراف قاري» (16 د)
للمخرج بييترو نوفلو، فيحكي عن عزيز الشاب المغربي ومساهمته في عمليات إنقاذ المهاجرين على السواحل الإيطالية. أيضاً من إيطاليا، يحكي فابيو بالمييري عن الهجرة عبر المتوسط في Irregulars، بينما يصوّر مارك ريموند ويلكينز (سويسرا) في شريطه «رحلة ميمونة» (20 د) رحلة في البحر لقضاء عطلة، يقطعها وجود قارب مهاجرين غارق. وفي «ثم أتيت بالقارب» (10 د ـ استراليا) تستعيد مارلينا فوروارد حكاية رجل هاجر بحراً في طفولته، هرباً من حرب فييتنام.
حكايات السفر الأخرى، هي أكثر شخصية. مثلاً من المكسيك، نشاهد فيلم The Way of Patachin عن يوميات فتى مشرّد فقد رجله في حادثة، يقود دراجته الهوائية في شوارع فنزويلا، أو حكاية أرميناندو الذي يقرّر العودة إلى موطنه ألبانيا في فيلم Di La للإيطالي غويليو تونينشيلي.
أو ببساطة قصة الطفلة سيلين من لبنان، التي تنتقل مع والديها للسكن في مدينة جديدة في Through pink glasses (من خلال الزجاج الزهر ـ 12 د.) لليال عقيقي. أو فيلم «أورانج» (7 د ـ كندا) لهلا السلمان عن سيّدة تستمتع بركوب المترو والتجوّل في مدينتها. من سويسرا أيضاً، نشاهد قصة جمال الذي يودّع باريس بعد ستة أشهر من الدراسة في « 1+» (15 د.) لمكسيم الكثاري.
هناك حكايات أخرى بعيدة عن التجوال، كحكاية أم بهجت في «إبرة» (9 د.) لريتا جعجع. نتابع يوميات أم بهجت المسجونة مع ماكينة الخياطة، وحيدة في منزلها، وفي أحد الأيام تكسر آخر إبرة. أو حكاية جوش الذي يحاول التواصل مع والدته في سيدني عبر سكايب في فيلم Very bad Skype – Venice إخراج فينيتيا تايلور من استراليا.
المشاركة هذا العام تضمّ إنتاجات من كندا، وإيطاليا، واستراليا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وألبانيا، والمكسيك، وبريطانيا، والعراق وتونس ولبنان.
«مهرجان كابريوليه» الذي انطلق في عام 2009، استمرّ إلى اليوم من دون أن يؤجل أو يلغي أي دورة رغم صعوبة التمويل والوضع الأمني في لبنان والجوار. يتنقل بين الجميزة وجبيل، لكن سماحة يعد بإمكانية إقامته في أماكن أخرى. «المشكلة هي التمويل، أنا أعمل مع شخص واحد على هذا المهرجان. التنظيم بحاجة إلى متطوعين ومساهمين». ويضيف أن من أسباب استمرار المهرجان، الاعتماد على القروض الشخصية التي يأخذها على عاتقه كل عام. لكنه يعود الى أسباب اختياره الجميزة كمحطة شبه دائمة: «أردت أن أختار حيّاً في بيروت، بمواصفات الحيّ. السكان على النوافذ والشرفات. الطرقات، الجوّ، الالفة... أردت أن يعيش الناس هذا الجو السينمائي خلال مشاهدة الأفلام».

«مهرجان كابريوليه»: بدءاً من اليوم حتى 11 حزيران (يونيو) ـــ درج مار نقولا ــ الجميزة ــ
cabrioletfilmfestival.com