القاهرة | شيّعت مصر مساء أمس جثمان محمدكامل القليوبي (1943 ــ 2017)، عقب الصلاة عليه في مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط (القاهرة القديمة). وكان المخرج والسيناريست المصري قد انطفأ إثر معاناة طويلة مع مرض السرطان، عن عمر ناهز 73 عاماً. خسارة جديدة يتلقاها محبو «الفن السابع»، بفقدان واحد من أهم صنّاع البهجة الفنية في تاريخ السينما العربية، ومخرج عدد من الأفلام التي عُدَّت علامات بارزة في مسيرة الفن العربي.

أفلام يأتي في مقدمتها «البحر بيضحك ليه» (1994)، مع الراحلين محمود عبد العزيز وشوقي شامخ ونجاح الموجي، الذي طرح من خلاله تساؤلات عن إمكانية الحياة من دون قيود، مهدياً إياه إلى «الرواد الشجعان للسينما المصرية الذين أنجزوا عام 1928 أول فيلم روائي كوميدي طويل في تاريخ السينما المصرية بعنوان «البحر بيضحك»». قبل «البحر بيضحك ليه»، كان قد بدأ مع «الساحر» بفيلم «ثلاثة على الطريق» (1995)، ثم واصل مشواره الإبداعي المنحاز إلى القيم الجمالية والانتصار للإنسانية في أفلام «أحلام مسروقة» (1999)، و«اتفرج يا سلام» (2001)، و«خريف آدم» (2002)، إلى جانب مسلسلي «بعد الطوفان» (2003) و«طعم الحريق» (2014). وقد أخرج عدداً من الأفلام التسجيلية منها: «محمد بيومي ووقائع الزمن الضائع» (1990)، و«تموت الظلال فيحيا الوهج» (1996)، و«أنا اسمي مصطفى خميس» (2013)، الذي يوثق لأحداث «كفر الدوار» التي جرت في أعقاب اندلاع ثورة يوليو (1952)، وراح نتيجتها شهيدان، قُضي بإعدامهما، هما محمد مصطفى خميس (أمين مخازن) ومحمد حسن البقري (حارس)، فضلاً عن الحكم على 11 آخرين بعقوبات راوحت بين 15 سنة أشغال شاقة وسنة واحدة.
ذات لقاء معه قبل سنوات، قبل أن تتدهور حالته الصحية، مازحناه قائلين: «وثقت حادث كفر الدوار صحافياً قبلك والتقيت عائلة «خميس» وشهود عيان على واقعة مرّ عليها ستّون عاماً». ضحك قبل أن يجيب: «استغرق الفيلم مني سنوات، ومع ذلك على الجميع أن يسائل التاريخ لنصنع غدنا». هكذا، يؤكد الرئيس الأسبق لـ «المركز القومي للسينما» أنه فعلاً واحد من «الرواد الشجعان» الذين أهدى إليهم فيلمه الثاني.
فنياً، لا يعتني المخرج الإسكندراني بتصنيف الفيلم أو جنسه، لا يكترث بنوعية العمل بين روائي طويل أو تسجيلي، فالمستهدف لديه هو الجِدّة والجودة، إلا أنّ للأفلام التسجيلية مكانة خاصة في قلبه. الأهم ـــ على حد قوله في أحد حواراته الصحافية ـــ يكمن في «أن تكون الأعمال جيدة بغضّ النظر عن تصنيفها، لكن أنا أشعر بأنّ الأفلام التسجيلية لها وضعية خاصة عندي. وفي ما يتعلق بالأعمال الروائية الطويلة، أحب عندما أقدمها أن تكون في أفضل صورة، والحمد لله معظم أعمالي نالت جوائز في مهرجانات كبيرة، بعيداً عن كل شيء، أنا راضٍ تماماً عن مشواري الفني وأفلامي». من جهتها، نعت «الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما» القليوبي، الذي سبق أن عمل أستاذاً للسيناريو ورئيساً لـ «المعهد العالي للسينما»، واصفة إياه بـ «الباحث الكبير ورئيس «مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط» الأسبق وعضو الجمعية، وواحد من أهم صناع السينما في مصر والوطن العربي».