بشير صفيرولد في منطقة رأس بيروت من عائلة ميسورة في منزلٍ ترقد في أروقته آلة بيانو من أعرق الماركات في العالم: Pleyel. غادر إلى فرنسا شاباً قبيل الحرب، ودرس الموسيقى والعزف الكلاسيكي على البيانو في بوسطن. إنه المؤلف وعازف البيانو وسيم سوبرا، الذي أصدر ألبوماً بعنوان «سوناتات شرقية» (Sonates Orientales) عند «معهد العالم العربي» في باريس، الناشر الذي يخطو خطوة ناقصة في هذا الإصدار. جديد وسيم سوبرا يحوي مجموعة مقطوعات للبيانو من النوع الخفيف (Easy Listening)، بمعنى السهل (غير الممتنِع) تأليفاً وأداءً. هي لا تستقي من الجاز كما ذُكِر في كتيِّب الأسطوانة، ولا تمتّ إلى الموسيقى الكلاسيكية بصلة، كما يوحي العنوان، إذ لا تحترم القواعد المنهجية التي يجب اتّباعها في «السوناتة» كشكل الموسيقي، لكي تُسمّى «سوناتات شرقية». مع العِلم أن الخروج عن هذه القواعد هنا، ليس بمثابة تحطيم لها في إطار التجريب. أمّا جرعة صغيرة من النهاوند، فلا تسمح بعَنوَنَة الألبوم على هذا النحو. وبذلك، يصبح عنوان العمل اعتباطياً، شكلاً ومضموناً، بما أنه لمْ يحكم آلية التأليف مسارٌ محدّد.



مقطع من "tabac d'orient"








11 مقطوعة للبيانو المنفرد، تعتمد عناصر بدائية. أولاً، لناحية اللحن الأساسي (خطوط اليد اليمنى إجمالاً) الذي يسير وفق المدى والمسافات البديهية. ثانياً، لناحية البناء الهارموني (مرافقة اليد اليسرى) الذي يرتكز، إمّا على الـ Arpège أو على الأداء الموقَّع لضبط الإيقاع، وهما المرافقتان الأكثر ركاكة في ما يمكن أن تقدّم اليدّ اليسرى. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التطوير الذي يخلو من الفكرة الموسيقية الفريدة، وتغيب عنه غياباً شبه تامّ التغييرات النغمية (Modulation). ويضاف إلى ذلك التعويل المستفيض على الـMineur (9 مقطوعات من 11).
في السياق ذاته، تسير الديناميكية وفْق خطٍّ مستقيم إجمالاً (أقله ضمن المقطوعة الواحدة). أمّا مساحات الصمت، فلا مكان لها

يجد الألبوم جذوره بنسبة صغيرة في يان تيارسن

إطلاقاً. كل ذلك يجعل هذه المادّة غاية في السهولة، ويمكن، أيّ عازف بيانو عادي، يملك أذناً موسيقية جيدة، أن يستخرج نغماتها من دون الحاجة إلى مدوّنة. من هنا، بدَل الجاز والكلاسيك، يجد الألبوم جذوره بنسبة صغيرة في يان تيارسن (موسيقى البيانو المنفرد للأفلام)، وبشكل أساسي في الـ «لايت» المناسبة للمشاهد الرومنسية الخفيفة أو الـ «ريلاكسينغ» المناسب للقيلولة. وهذا ما يبرّر الاستفاضة في استخدام الدواسة اليمنى للبيانو، لتأمين الصدى الدائم وتداخل النغمات المتتالية.
من هنا نستنتج أن الانحطاط الفني لا يطاول الأغنية الشعبية فحسب، بل التجارب المفترض أن تكون جادة أيضاً ويهزأ أصحابها جزافاً من فناني البوب.