لا نعرف كيف ولماذا قرّر المركز المهتم بالفنون البصريّة، أن يبدأ انفتاحه على الرواية العربيّة المعاصرة من صاحب «بناية ماتيلد»... لكنّ المؤكّد أن الأخير لا يكتب رواية فقط، يبدو كمن يسعى إلى إنجاز قطعة أدبية تتمتع بنوعٍ من الخلود. لا يترك تفصيلاً، حتى لو كان حركة عابرة ليدٍ أو مجرد التفاتة لإحدى شخصياته، إلّا ويصقله كي لا يبدو ناشزاً أو منافياً للخيار الأسلوبي أوالحساسية السردية التي يُحبِّذها. قراءاته نفسها تذهب في هذا الاتجاه. هو يفضِّل أعمالاً لا تتحرك وقائعها بسرعة غير محسوبة. مذاقات كاواباتا وميشيما وفوكنر وملفيل وكونديرا وماركيز، تتناهى إلينا ونحن نقرأ أعماله. المذاقات وقد ذابت في السرد وتحوَّلت إنجازاتٍ شخصية.
رواية حسن داوود الأخيرة موضوع ندوة اليوم في بيروت
جرَّب داوود أن يلعب مرةً خارج ملعبه المفضَّل، فكتب «ماكياج خفيف لهذه الليلة» (2003) التي أُنجزت أساساً كنص مرشّح ليكون فيلماً. ثم تسرّب شيء من الخفة إلى رواية «لُعَب حيّ البياض» (2005) التي تُروى على لسان والدته. لكنه عاد إلى ممارسته المفضَّلة ونبرته الأثيرة في روايته الأخيرة «مئة وثمانون غروباً» التي تسرد التبدّل الخفي الذي يصيب حياة الشخصيات ويقلبها رأساً على عقب. براعة داوود تبدَّت في قدرته على إخضاع أيّ حدث أو فكرة لمزاج جملته. الحرب نفسها كانت محكومة بالحضور عبر إيحاءات وتصرفات صغيرة بدلاً من ضجيج المعارك. بحسب حسن داوود، تتحقق الرواية في كيفية كتابتها لا في سياق أحداثها فقط.
6:00 من مساء اليوم ـــــ «مركز بيروت للفنّ» (جسر الواطي/ بيروت). للاستعلام: 01/397018