سعيد خطيبيإعلان مهرجان «كان» لقائمة الأعمال المرشحة لنيل «السّعفة الذهبيّة» هذا العام، أثار زوبعة في الجزائر. الدورة الثالثة والستون من المهرجان العريق التي تقام بين 12 و23 أيار (مايو) الحالي، ستشهد منافسةً بين شريطين يتناولان الثورة الجزائريّة من طرفي نقيض: «خارجون على القانون» للجزائري رشيد بوشارب (الصورة) و«رجال وآلهة» للفرنسي كزافيه بوفوا.
شريط بوشارب يعود إلى حقبة الثورة التحريرية في بلد المليون شهيد منتصف الخمسينيات (راجع «الأخبار» عدد ٤ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٠). تدور أحداث الفيلم في باريس، حول مهاجرين جزائريين يؤيدون «جبهة التحرير الوطني» من الخارج، ويؤسسون «فيدرالية فرنسا»، أي جناح الجبهة في الخارج. جناحٌ عمل من قلب بلاد الغال على تأييد أحقيّة الشعب الجزائري في رفع السّلاح والنضال ضدّ الاحتلال الفرنسي.
رشدي زام في «خارجون على القانون» و«رجال وآلهة» المتناقضان في النظرة إلى الجزائر
من جهته، يصوّر بوفوا الجزائر بعد ثلاثين عاماً على الاستقلال ومع بدايات الحرب الأهلية. يركّز «رجال وآلهة» على مجزرة اغتيال ثمانية رهبان في دير في ضاحية تيبحيرين (جنوب الجزائر العاصمة). آنذاك تبنّت العمليّة، الجماعة الإسلاميّة المسلّحة. وفي الصيف الماضي، ظهر الجنرال الفرنسي المتقاعد فرانسوا بوشوالتر (كان ملحقاً عسكرياً في سفارة فرنسا في الجزائر خلال تلك المرحلة)، ليكشف عن وثيقة تشير إلى تورط الجيش الجزائري في العملية! الجدليّة واضحة: في وقت يدافع فيه بوشارب عن قيم الثورة الجزائريّة، يأتي عمل زميله الفرنسي ليتهمها بالانحراف عن قيمها وتورطها في بعض الاغتيالات خلال التسعينيات.
بين «جزائر الاستقلال» في «خارجون على القانون» وجزائر «الحرب الأهليّة» في «رجال وآلهة»، سنوات من التحوّلات والانكسارات، وسنوات من الرصاص والدماء... وها هو «كان» يضعها جنباً إلى جنب. للمصادفة، سيؤدي رشدي زام دوراً رئيسياً في كلا الشريطين. يجد الممثل الفرنسي من أصل مغربي نفسه في موقف غرائبي، لكونه سيلعب على وترين متناقضين. حين التقيناه في تونس على هامش تصوير «خارجون على القانون»، أسرّ لـ«الأخبار»: «يعنيني السيناريو في الدرجة الأولى، وإذا اقتنعت به، أنطلق في التصوير». فهل زام الذي منحته «كان»، عام 2006، جائزة أفضل ممثل عن دوره في «بلديون» لرشيد بوشارب، سيجد نفسه هذا العام في موقف حرج؟