يستبعد «بنك أوف أميركا» أن تلجأ الحكومة اللبنانية إلى شراء سنداتها من السوق بسعر منخفض، ولا سيما أن المصارف اللبنانية ستتأثّر سلباً بهذا الأمر الذي يكرّس الـ«هيركات»، وأشار في تقرير صدر أخيراً بعنوان «لبنان – خطر الصراع يؤدّي إلى تفاقم مشاكل الاقتصاد الكلّي»، إلى أنه من غير المرجح أن يسمح أي حكم قضائي لحاملي السندات بضمّ الأصول الأجنبية إلى نقاش التعويضات التي يطالبون بها.ينطلق البنك في تشكيكه بإمكانية إجراء عملية الإعادة لشراء سندات اليوروبوندز في المدى القريب «رغم التقارير الصحافية المحلية التي أفادت بأن هذه الخطة نوقشت أخيراً في الحكومة اللبنانية»، من كون «الطبقة السياسية في لبنان تنظر إلى عملية كهذه باعتبارها ممارسة معزولة عن أي سياق للحل وليست جزءاً من برنامج إصلاح اقتصادي أكثر شمولاً». ويشير إلى أنه في هذا السياق، ونظراً إلى استمرار القيود على سحب الودائع في القطاع المصرفي، «فمن المرجح أن تؤدّي إعادة شراء سندات اليوروبوندز إلى معارضة شعبية محلية». ما يقصده التقرير، أن قيام الحكومة بشراء هذه السندات بسعر السوق يكرّس «هيركات» أو اقتطاعاً بنسبة 93% من قيمتها، ولا سيما أن المصارف اللبنانية تحمل نحو 11 مليار دولار من هذه السندات، فإن ذلك سيؤثّر بشكل أكيد على قدرة المصارف على سداد الودائع. وبشكل أوضح، فإنه فيما تروّج الطبقة السياسية لمبدأ «قدسيّة الودائع»، فإن إعادة شراء السندات ستُشكّل مساراً عكسياً لهذا الخطاب، ما سيثير سخطاً شعبياً. لذا، يقول التقرير: «هذا الأمر يعني أن الطبقة السياسية قد لا تكون متقبّلة للالتزام بمتابعة عملية إعادة الشراء».
كذلك، يتطرّق التقرير إلى انعكاس حركة البيع والشراء في السوق على سعر سندات اليوروبوندز «فمن المرجح أن تؤدّي عملية شراء اليوروبوندز في السوق بأعداد كبيرة إلى رفع أسعارها»، كما أن هذا الأمر «يعني أن كلفة إعادة شراء اليوروبوندز ستكون أعلى مما هو مخطّط له، ما شأنه أن يستهلك حصّة أكبر من احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية». لذا، يعتقد البنك أن إدارة المصرف المركزي في لبنان لن توافق على هذا السيناريو من دون دعم سياسي.
قد يسمح القرار القضائي في أميركا لحاملي السندات بالسعي إلى الحصول على معاملة أفضل


إلى جانب ذلك، فإن عقود سندات اليوروبوندز تتضمن بنوداً قد تؤدّي إلى خسارة الفوائد المتراكمة التي لم تسدّدها الدولة اللبنانية. فمهلة المطالبة بهذه الفوائد مفتوحة لمدة خمس سنوات، أي حتى آذار 2025، وبالتالي إن «الفراغ المؤسّسي المتواصل والوضع السياسي الداخلي الصعب، سيؤدّيان إلى تعقيد إيجاد حلّ قانوني لهذا البند»، مقترحاً أن تقوم الحكومة بخطوة مماثلة لما قامت به فنزويلا في 2023، أي تمديد الجدول الزمني للمطالبة بالفوائد (من أجل تجنّب رفع الدعوى)، وهذا الأمر يصدر بقرار من مجلس الوزراء اللبناني «علماً بأنه ليس واضحاً إذا كان تنفيذ الأمر ممكناً دستورياً من خلال حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال بدلاً من حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة». ويضيف: «هذا الأمر سيحتاج اتفاقية مع حاملي السندات ثم إلى موافقة محاكم نيويورك. وفقاً لمناقشات البنك مع الخبراء المحليين، وقد لا يتم استبعاد صفقة من هذا النوع تقترحها مجموعة من التكنوقراط، ولكن السلطات قد تكون متردّدة نظراً إلى المعارضة المحلية المحتملة لهذا الإجراء (نظراً إلى المعاملة المتباينة المحتملة لحاملي السندات مقابل المودعين والأسر المحلية والاقتصاد العام)».
في المقابل، يمكن أن يؤدي استصدار حكم قضائي، قبل بلوغ آذار 2025، لمصلحة حاملي السندات في محاكم نيفادا، إلى الحفاظ على حقوقهم التعاقدية، بحسب البنك. لكن «يستبعد أن يسمح الحكم القضائي لحاملي السندات بضم الأصول الأجنبية إلى نقاش التعويض عليهم، ومن ضمنها إيرادات الغاز البحرية المشتركة المحتملة». ومع ذلك «قد يسمح القرار القضائي في أميركا لحاملي السندات بالسعي إلى الحصول على معاملة أفضل من الدولة السيادية في إعادة الهيكلة المستقبلية المحتملة مقارنة بحاملي السندات الآخرين، الذين لم يتقدموا بدعوى في أميركا، لأنهم سيكونون ملزَمين بشروط العمل الجماعي».