بدأ القضاء الإسرائيلي النظر في ضلوع رئيس وزراء العدو الإسرائيلي في جرائم فساد قبل هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر. بعض المحللين عبّروا عن شكوكهم بأن نتنياهو قد يمدّد الحرب والعدوان على غزة، وقد يدفع الأمور الى حرب إقليمية، لأنه يخشى صدور حكم ادانة بحقه وبحق زوجته ونجله يؤدي الى معاقبتهم قضائياً. لكن يبدو ان الأمور تميل الى تبرئتهم بعد نزع المصداقية عن المحقق الأساسي الذي فتح اول محضر تحقيق في القضية، عبر اتهامه بالتآمر مع ضباط آخرين لإسقاط حكومة نتنياهو من خلال «الاصطياد في الماء العكر». ماذا جرى الأسبوع الفائت في قاعة المحكمة 315 في كيان العدو الاسرائيلي؟
استمعت هيئة محكمة «إسرائيلية» الى المحقق الأساسي في قضية فساد وتلقي رشاوى اتهم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بالضلوع فيها، العميد كوريش بارنور (القائد السابق لوحدة التحقيقات في جرائم الاحتيال في شرطة العدو).
ونقلت بعض وسائل اعلام العدو ان استجواب وكيل نتنياهو المحامي أميت حداد لبارنور لم يكن في مصلحة الأخير، بل أدى الى اعطابه من خلال التشكيك في مصداقيته وقانونية الإجراءات التي اتبعها في القضية.
«لست صياداً»، قال بارنور لهيئة المحكمة مدافعاً عن نفسه بعد اتهامه بالصيد في الماء العكر. وهكذا تمكن حداد من تحويل المحقق الى متّهم يسعى للدفاع عن نفسه. ودفع ذلك الصحافة الإسرائيلية الى الاستهزاء بالأمر عبر الادعاء بأن بارنور، وليس نتنياهو، هو من تلقى صناديق من الشامبانيا وعلب سيغار وأحجاراً كريمة وعقد اتفاقاً مع وسائل الاعلام خلافاً للقانون.
كما بدا ان القاضية رفكا فريدمان فلدمان التي ترأست الجلسة اتاحت لوكيل الدفاع هامشاً واسعاً لإيقاع المحقق في الفخ الذي نصبه له. فلدى سؤاله عن حديث دار بينه وبين مدير مكتب نتنياهو السابق اري هارو الذي أراد المحقق إقناعه بتقديم شهادته ضد نتنياهو أمام المحكمة، اعترف بأنه سأله: «ماذا يمكن ان تخبرني عن الاعمال المخالفة للقانون خلال السنوات العشر الماضية؟ عدّدها لي لأتمكن من الاختيار وفي المقابل سأغلق ملفك (يشتبه بضلوع هارو في قضية فساد تعود للعام 2016). لكن اريد ان تعلمني اولاً ما هي المعلومات التي ستقدمها لي». وسارع بارنور الى التوضيح بأنه كان يتصرّف بناء على توجيهات المدعي العام افيخاي منديلبيلت.عندها تدخل وكيل الدفاع سائلاً اذا كان المدعي العام قد أجاز رسمياً بفتح تحقيق بشأن رئيس الحكومة كما ينص القانون الإسرائيلي. فأجاب بارنور: «بنوع ما، نعم»، ليشرع المحامي في عرض تفاصيل شتى «أنواع» الاجازات لفتح التحقيق للتشكيك في إجابة بارنور الضبابية.
نتنياهو قد يمدّد الحرب والعدوان على غزة وقد يدفع الأمور الى حرب إقليمية لأنه يخشى صدور حكم ادانة بحقه


وفي اليوم الثاني من الاستجواب، بدا بارنور مرهقاً، ونقلت الصحافة الإسرائيلية انه اقتنع بأنه لن يتمكن من اثبات جرائم نتنياهو امام المحكمة، وان القضية ارتدّت عليه وسيدفع غالياً ثمن تجرؤه على ملاحقة رئيس الحكومة.
وذكرت صحف إسرائيلية انه بعد رفع جلسة المحكمة لبعض الوقت للاستراحة، توجّه بعض الصحافيين نحو بارنور لطرح أسئلة عليه فطلب منهم الابتعاد قائلاّ: «اذا شاهدني احد اتحدث اليكم سينتهي امري»، فأجابه احد الصحافيين: «أنت انتهى امرك اصل»، ليهزّ برأسه موافقاً. ولا شك في ان بارنور ادرك ان ملاحقة رئيس حكومة فاسد يقود حرباً وحشية متحدّياً مجلس الامن ومحكمة العدل الدولية هو بمثابة انتحار.
صحيفة «هآرتس» وصفت ما حدث في قاعة المحكمة رقم 315 بالشهادة على «نجاح نتنياهو في ردع وشل المؤسسات التي تهدف إلى الحفاظ على قواعد اللعبة في مجتمع صحي يتساوى فيه الجميع، بما في ذلك رؤساء الوزراء، أمام القانون».
فالمحقق بارنور الذي كان يفترض، بسبب كفاءاته المهنية، ان يعيّن قائداً لوحدة «لاهاف 433»، او قائداً لقسم التحقيقات الجنائية في شرطة العدو، عوقب وأبعد من خلال تكليفه قضاء السنوات الأخيرة قبل التقاعد في معهد تدريب الشرطة.
(القوس)