رمى جيش الاحتلال الإسرائيلي نحو 70 ألف طن من المتفجرات على سكان قطاع غزة وارتكب 2675 مجزرة ضد العائلات الفلسطينية، وقتل حتى «اليوم 150» نحو 30534، من بينهم 13430 طفلاً. ويعدّ 7000 غزاوي في عداد المفقودين، 70% منهم من الأطفال والنساء، يُفترض أنهم قضوا تحت أنقاض المباني المدمرة، أو ماتوا ببطء وتحلّلت جثثهم في الشوارع من دون أن تتمكّن فرق الإنقاذ من نقلهم بسبب شدة القصف والافتقار إلى المعدات. كما أدى القصف الإسرائيلي الى جرح أكثر من 71920 فلسطينيًا معظمهم يعانون من الألم والجوع والعطش في ظل حصار خانق.

تسعى «القوس»، من خلال «روزنامة الجرائم الإسرائيلية»، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة ،إلى توثيق جرائم قتل المدنيين واستهداف المنشآت المدنية والمستشفيات والمدارس والمخابز ومستودعات الطعام ومضخات المياه ومولدات الكهرباء والبنية التحتية، وكذلك توثيق فرض قوات الاحتلال الإسرائيلية ظروفاً معيشية صعبة على المدنيين الفلسطينيين بهدف تدميرهم وتطبيق خطوات للحؤول دون إنجاب الأطفال، والتي يمكن تصنيفها من ضمن الفئات التي تشكل تعريف جريمة الإبادة الجماعية بحسب القانون الدولي.
نعرض في هذا المقال تحليلاً للبيانات والمعلومات التي جرى توثيقها عن العدوان على غزة في الأيام الخمسين بعد المئة، والتي تساهم في جمع وتكوين العناصر الأساسية لجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
من خلال مراجعة وتحليل الوقائع والارقام والبيانات، يتبيّن أن جيش الاحتلال يستمر في قتل الفلسطينيين وخنقهم بشكل منهجي، ما يدل الى نية إسرائيلية لتصفية الغزيين بشكل جماعي. ففي 26 كانون الثاني 2024، صدر عن محكمة العدل الدولية، بعد أسبوعين من الاستماع إلى أطراف الدعوى في 11 و12 كانون الثاني 2024، قرار بفرض «تدابير مؤقّتة»، أوّلها اتّخاذ دولة الاحتلال، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، في ما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، جميع التدابير التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأعمال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من هذه الاتفاقية، ولا سيما: قتل أعضاء المجموعة، التسبب في ضرر جسدي أو نفسي خطير لأعضاء المجموعة، تعمّد إخضاع المجموعة لظروف معيشية يُقصد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل المجموعة. إلّا أن جيش الاحتلال ارتكب، منذ صدور القرار (اليوم 112) حتى اليوم 150، 469 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية نتج عنها 4337 شهيداً و7432 جريحاً.


كما ألزمت المحكمة الدولية بقرارها، في البند الثاني، أن تضمن دولة الاحتلال، بأثر فوري، عدم ارتكاب جيشها أي أعمال موصوفة في البند الأول من القرار. الا ان البيانات الموثقة والارقام تشير إلى أن جيش الاحتلال الاسرائيلي تعمّد قصف كامل القطاع بدون استثناء عبر الغارات الجوية والمدفعية والزوارق البحرية، إضافة الى تنفيذ أحزمة نارية عنيفة مستهدفاً بشكل عشوائي المدنيين في غزة. يضاف إلى ذلك تعمد جيش الاحتلال قنص النازحين والجرحى في المستشفيات.
وفي الخمسين يوماً بعد المئة، جرى توثيق استخدام العدو الاسرائيلي الفوسفور الابيض أربع مرات على الاقل في الايام 104 ،107، 124، و130.
البند الخامس من قرار المحكمة، ألزم دولة الاحتلال الإسرائيلي ان تتّخذ تدابير فعّالة لمنع التدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بادّعاءات ارتكاب أعمال تدخل في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ضد أفراد المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة. إلا ان وتيرة القصف المستمر منذ 150 يوما على كافة الاحياء والمنشآت والمؤسسات، بما في ذلك القطاع الصحي، أدت بشكل مباشر وغير مباشر الى تدمير الأدلة. أبرزها استهداف المؤسسات الرسمية التي تعنى بتسجيل الوفيات والسجل المدني الفلسطيني الذي يثبت وجود «الشهداء» أصلاً لا سيما في الحالات التي جرت فيها إبادة عائلات بأكملها.


في البند الرابع من القرار، ألزمت محكمة العدل الدولية دولة الاحتلال الإسرائيلي، باتّخاذ تدابير فورية وفعّالة للتمكين من توفير الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية التي تمسّ الحاجة إليها لمعالجة ظروف الحياة الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة. علما ان دولة الاحتلال لم تلتزم بهذا البند، بل أمعنت في تعزيز المجاعة وتكريس الحصار.
فقد توفي أكثر من 15 طفلا بسبب المجاعة وسوء التغذية، إضافة الى أكثر من 700 ألف مصاب بأمراض معدية بسبب النزوح، و60 ألف امرأة حامل معرضة للموت والولادة المبكرة والاجهاض بسبب الجوع وسوء التغذية والجفاف والتلوث. وتعمد جيش الاحتلال قنص واستهداف المدنيين الفلسطينيين لدى سعيهم للحصول على المساعدات، واستهداف النازحين في مراكز الايواء والمدارس والخيم التي تفتقد لأدنى مقومات الحياة.
يشير الرسم البياني ادناه الى عدد المرّات التي تعمد فيها جيش الاحتلال الاسرائيلي استهداف المدنيين بشكل مباشر في المستشفيات أو الخيم أو مراكز الايواء أو المدارس أو حتى لدى تجمعهم لدفن الشهداء أو سعيهم للحصول على المساعدات.
يضاف الى هذه البيانات ايضا (والتي لم يجر عرضها في هذا الرسم البياني لعدم وجود عدد دقيق) الاستهداف المباشر للمدنيين في المنازل والابراج والمربعات السكنية التي جرى نسفها وتدميرها على رؤوس قاطنيها.
يطلق جيش الاحتلال القذائف على شاحنات المساعدات ويقتل عشرات المواطنين الذين يبحثون عن الغذاء والطعام لأطفالهم وعوائلهم


ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي عدة مجازر بحق آلاف المواطنين الذين حاولوا الحصول على أكياس الطحين ومساعدات غذائية في ظل المجاعة، وارتكب مجزرة الطحين (وتبعتها مجازر مماثلة) التي راح ضحيتها 116 شهيداً وأكثر من 700 إصابة، ومجزرة شاحنة المساعدات التابعة لجمعية خيرية كويتية غرب دير البلح وراح ضحيتها 8 شهداء، ومجزرة دوار الكويت في شارع صلاح الدين التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى.
من جهة أخرى، استهدفت «إسرائيل» بشكل متكرر، منذ بداية العدوان في تشرين الأول 2023، مرافق الرعاية الصحية وسيارات الإسعاف. كما اعتقلت العاملين في مجال الرعاية الصحية، وحاصرت الوقود اللازم للمولدات، وحجبت الإمدادات الطبية والجراحية الحيوية - وكل ذلك هدف إلى تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة. وبلغ عدد المؤسسات الصحية التي استهدفها الاحتلال منذ بداية العدوان 155.
ورغم عدم تقديم اي دليل، يدّعي جيش العدو الاسرائيلي أن عناصر حماس موجودون داخل المستشفيات فيقوم باستهدافها بشكل مباشر. ويظهر الرسم البياني التالي الأيام وعدد المرات التي استهدف فيها جيش الاحتلال، في الخمسين يوماً بعد المئة، المستشفيات او محيطها عبر الغارات الجوية او القصف المدفعي أو القنص.