يخضع بعض الأحداث إلى رقابة شديدة من الأهل، ما يجعلهم أكثر ميلاً لتجربة ما هو «ممنوع» في الخفاء، فـ«كلّ ممنوع مرغوب». الأمر سيّان في حال إهمال الأهل للأولاد، ما قد ينتج فراغاً خفياً، ونقصاً في التوجيه والاحتضان يؤدي بهم غالباً إلى سلوكيات منحرفة ومنها تعاطي مواد مخدّرة تملأ هذا الفراغ، متوهمّين بأنها حلٌ لمعاناتهم. وهنا يأتي فعلاً دور الأسرة في حماية الأبناء من وباء المخدرات أو مقاومته، من دون التشدّد غير المُقنّن في تطبيق الرقابة. ابني يتعاطى المخدرات، فما العمل؟
يعيش الأبناء في هذه المرحلة داخل متاهة ويكونون في حاجة ماسّة إلى الاحتضان والإرشاد النفسي والتوجيه، ولو أنكروا ذلك. وتختلف طريقة تلقّي الخبر والتعامل معه بحسب الخلفية التي ينحدر منها الأهل، فمنهم من يمرّ، وفقاً لبعض الأبحاث، بمراحل الحزن الخمس (كيوبلر روس): الإنكار، والغضب، والمساومة، والاكتئاب، ثمّ التقبّل. بينما يواجه آخرون الابن ويجبرونه بالقسوة على العلاج من دون أي نقاش أو فهم الأسباب خلف إقدامه على ذلك. وهناك من ينفعل متطرفاً ويطرد ابنه من البيت. وفي حال تبرّأ الأهل من ابنهم، إلى أين سيذهب؟
يخشى بعض الأهالي نظرة المجتمع، ووصمة «العار» التي، بحسبهم، تُلصق بالعائلة مدى الحياة، وقد يكون هذا سبباً لامتناعهم عن رفع الصوت وإخضاع أبنائهم إلى العلاج خوفاً من كلام الأقرباء أو حتى الغرباء (كالأطبّاء والاختصاصيين).
في لبنان 26 مؤسسة تقدّم خدمات علاج الإدمان وإعادة التأهيل، موزّعة على 4 محافظات ومتعاقدة مع وزارة الصحة العامة إمّا لإزالة السموم أو للعلاج. ومن الضروري أن يترافق العلاج الدوائي (Detoxification) مع العلاج النفسي أو المعرفي السلوكي (Rehabilitation) للمتعاطي والمدمن كي يصل إلى قناعة بأن هذه الآفة تفتك به وبصحته، ويتقبّل الإقلاع عنها طوعاً.
قد يغفل البعض أن هناك «مخدرات» مشروعة ومتاحة للجميع في المتاجر وحتى في الأكشاك على أرصفة الطرقات، مثل الكحول بمختلف أنواعه والتّبغ، إذ يلجأ إليها كثيرون ويدمنون عليها. وفي ظل انتشار الفساد لا مانع لدى الكثير من الباعة، تزويد من هم دون الـ 18 بهذه المواد.
مهما تكن الخلفية الثقافية والاجتماعية للأهل، من المفترض في الزمن المأزوم الذي نمرّ به، توقّع الأسوأ من البيئة التي يكبر فيها الأولاد. ولا بد من مواجهة الآفات بدقة واستعداد، والتسلّح بطرائق تربوية وقائية. وفي حال وقوع الأمر، السعي بجهد إلى إجراء ما يلزم بالتعاون مع مراكز العلاج أو الاختصاصيين النفسيين والتربويين، لإنقاذ من تورّّط، خصوصاً الشباب، من جحيم المخدرات قبل أن ينتقلوا إلى سقر السجون.