توقّع موظّفو وزارة التربية، بعد بثّهم كلّ أصناف التهديد يوم الأحد الماضي، أن يعيدوا الأساتذة إلى التعليم أمس. لكن الأساتذة لم يرضخوا للترهيب، ولم تثمر التحذيرات من «نقل الأساتذة، وفتح باب التعاقد، ودمج ثانويات» عن إعادتهم إلى المدارس، بل على العكس تماماً، جاء الرّد مدوّياً، من خلال زيادة الحشد في الاعتصام الذي شهدته باحة وزارة التربية أمس. وتمكنت «لجنة الأساتذة المنتفضين» من انتزاع فكرة «الممثل الحقيقي للأساتذة» من روابط التعليم، أو أقلّه من رابطة الثانوي، إذ حشدت أمس أكثر من 1000 أستاذ في الاعتصام، فتجاوز عدد المعتصمين عدد عناصر مكافحة الشغب الكبير المكلفين حماية مبنى الوزارة للمرّة الأولى منذ وقت طويل. حضروا من كلّ المناطق، من عكار شمالاً، حتى بنت جبيل جنوباً، ولم تثنهم المسافة إلى بيروت، أو كلفة النقل «غير المدعومة حزبياً، والمدفوعة على حسابهم الشخصي» بحسب أستاذة قادمة من عكار. وفي الاعتصام أيضاً مشاهد غابت تماماً عن كلّ التحرّكات الماضية، أستاذة مصابة بانفجار الرابع من آب، لا تريد مساعدةً، بل راتبها الذي خسرته وضمانها الصحي، وتلامذة حضروا مع أستاذتهم لدعمها، ورفض «التعليم الجزئي المعتمد اليوم بهدف القول إنّ التعليم ماشي».
تجاوزات بالجملة
يجمع الأساتذة على أنّ حضورهم في السّاحة يأتي لـ«عدم تحمّلهم تهديدات موظفي وزارة التربية وعدد من المديرين»، ووصلت الأمور ببعض الموظفين إلى طرح «خطط لدمج الثانويات» بغية التخلص من مشهد الإضراب، يقول النقابي حسن مظلوم مقدماً مثالاً عن «محاولة دارس المنطقة في جبل لبنان تخويف الأساتذة ومديري الثانويات عبر الإيحاء بقدرته على دمج 3 ثانويات معاً»، علماً أن «صلاحياته يحدّدها القانون بتوزيع السّاعات على المعلّمين والدروس فقط لا غير»، ويدعو «جهاز التفتيش إلى القيام بدوره الحقيقي، إذ لا يحقّ لموظفي الوزارة وضع الملاحظات على دفاتر الحضور في المدارس، أو تصويرها».
«لا شيء نخسره، ولم يتبقّ لنا سوى الاستمرار بالتحرّك والامتناع عن التعليم» يقول عضو لجنة الأساتذة المنتفضين صادق الحجيري، فـ«الحوار مقطوع، إذ لم يحدّد وزير التربية موعداً آخر للجنة بعد إلغائه الأخير، ما يشير إلى رفضه التواصل»، وينصح المديرين بـ«عدم الأخذ بتهديدات موظفي الوزارة، لأنّها غير قانونية»، ويتساءل عن «العروضات التي يروّج لها من قبل بعض الموظفين مثل تعليم ليوم واحد أو يومين أسبوعياً مقابل احتسابهم الدوام كاملاً».

الملاك مياوم
عن موعد العودة عن الإضراب، يؤكّد مقرّر فرع بعلبك في رابطة الثانوي، علي خليل الطفيلي أنه «سيكون عند حصول الأساتذة على تقديمات حقيقية، وإمكانية التعويض الدراسي متاحة حتى نهاية شهر حزيران»، مستغرباً «الفوارق في منصة صيرفة بين موظف وآخر، فالدولة لا تدّعي الإفلاس إلا أمام الأساتذة». يؤكد أن الإضراب في منطقة بعلبك «شامل رغم الشائعات، ومن فكّر بالعودة إلى التدريس من الأساتذة تراجع بعد التهديدات الواتسآبية، ومحاولات إيقاع الفتنة بين ملاك ومتعاقد». وفي منطقة بعلبك أيضاً، «تحاول بعض الجمعيات تحويل الأستاذ من موظف إلى مياوم» يقول أحد أساتذة المنطقة، مشيراً إلى «قيام جمعية بدفع مبلغ 3 دولارات عن كلّ حصة تعليم للأساتذة بغية فتح الثانوية، وعندما فشلت الخطوة، قرروا الاستعانة بطلاب جامعيين للتعاقد معهم، وهم من خارج الجسم التعليمي تماماً ومن غير حملة الإجازة التعليمية».

لا أساتذة بديلة
أخبار التعاقد مع أساتذة لفتح الثانويات بالقوة، وكسر الإضراب، تقابلها أستاذة من منطقة المتن بسخرية، مشيرة إلى «عجز وزارة التربية منذ بداية العام الدراسي عن تأمين تعاقد مع أستاذ رياضيات ولغة فرنسية في الثانوية التي أعلّم فيها، ما يدفع الإدارة إلى تقليص عدد الحصص المخصّصة لكلّ مادة للتمكن من توزيعها على أنصبة الأساتذة الموجودين». وفي ثانوية أخرى «هاجر 4 من أساتذة الملاك فيها مطلع العام الدراسي، وتقدّم عدد آخر باستقالاتهم ولا يحضرون اليوم إليها، من دون تأمين بديل»، وتختم بالإشارة إلى «صرف وزارة التربية الأموال بشكل غير مدروس، إذ تقوم بتأهيل مبنى الثانوية التي تعلّم فيها، وهي لا تحتاج إلى ترميم، مقابل حجب الحقوق والمساعدات عن الأساتذة».