انتهت الجلسة الثانية لاستجواب حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، من قبل القاضية الفرنسية أود بوروزي في قصر العدل في بيروت، وغادر القضاة الأوروبيون، على أن يعودوا إلى بيروت الشهر المقبل، لمتابعة تنفيذ الاستنابات القضائية.
وعقب انتهاء التّحقيق، أعلن سلامة، في بيان، أنّه أكّد «الأدلة والوثاق التي كان قد تقدّم بها إلى القضاء في لبنان والخارج مع شرحٍ دقيق لها». ولفت إلى أنّه حضر «جلسة دعا إليها الرئيس شربل أبو سمرا، دون رفقة المحامي، إذ أنّ حضوري كان كمستمع إليه لا كمشتبه فيه ولا كمتهم، لقد حضرت احتراماً مني للقانون وللقضاة، وتحفّظت لوجود حضرة القاضية اسكندر لأنها خصم وقد تدخلت بالدعوى اللبنانية ضدي، وتحفظي ناتج عن الإخلال بمبدأ المساواة بين الفرقاء».

وقال إنّه «يتبيّن من هذه الوثائق والكشوفات أنّ المبالغ الدائنة في حساب المقاصة المفتوح لدى مصرف لبنان والذي حوّلت منه عمولات إلى "فوري": (foory)، كانت قد سدّدت من أطراف أخرى ولم يدخل إلى هذا الحساب أيّ مال من مصرف لبنان ولم يكن هذا الحساب مكشوفاً في أي لحظة».

وجدّد سلامة نفيه تحويل أموال إلى حسابه من مصرف لبنان، مشيراً إلى أنّه «يتبين من هذه الكشوفات أنّ حسابي الشخصي في مصرف لبنان غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الأموال العائدة إلى المصرف ولم تحوّل إلى حسابي أموال من مصرف لبنان. وأنّ التحاويل إلى الخارج الخاصة بي، ومهما بلغت مصدرها حسابي الشخصي».

وادّعى سلامة أنّه لمس «ولأكثر من سنتين سوء نية وتعطشاً للادّعاء علي»، معتبراً أنّ سوء النية ظهر «من خلال حملة إعلامية مستمرة تبنتها بعض الوسائل الإعلامية والتجمعات المدنية منها أوجدت غب الطلب لتقديم إخبارات في الداخل وفي الخارج وذلك للضغط على القضاء والمزايدة عليه. فأصبح مدنيون وصحافيون ومحامون يدّعون أنّهم قضاة، يحاكمون ويحكمون بناء لوقائع قاموا بفبركتها. واكبهم بعض السياسيين من أجل الشعبوية اعتقاداً منهم أنّ هذا الأمر يحميهم من الشبهات والاتهامات أو أنه يساعدهم على التطميش عن ماضيهم أو يعطيهم عذراً لإخفاقاتهم في مواجهة وحل الأزمة».

وكانت القاضية بوروزي قد نجحت في سوق سلامة إلى قصر العدل للتحقيق معه حول جرائم اختلاس وتبييض أموال، بعدما كان يرفض المثول أمام أي جهة قضائية، مستقوياً بالخطوط الحمر التي رسمتها حوله جهات سياسية ودينية لبنانية. لم يتمكن الحاكم من تفادي حضور جلسة الاستجواب مع الوفد الأوروبي، بعدما نجح فقط في إرجاء الجلسة 24 ساعة عبر تقديم مذكرة توضيحية إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا حول تعارض حضوره أمام قضاة أجانب مع معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وخرق سيادة القضاء اللبناني. وقد بدا الطوق الفرنسي محكماً بحيث لم يستطع سلامة الإفلات، خصوصاً بعد إعلان أبو سمرا بنفسه أن حضور قضاة أوروبيين لا يتعارض مع الاتفاقية أو مع مبادئ السيادة، فما كان من سلامة إلا الخضوع. وقد استمعت بوروزي إلى الحاكم على مدى ست ساعات في حضور مساعدين قضائيين لها وكتّاب في المحكمة الفرنسية ومترجمة وقضاة فرنسيين متدرجين صودف وجودهم في بيروت، إضافة إلى رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر ممثلة عن الدولة اللبنانية والقاضي أبو سمرا.