«صُفّ على اليمين»، يقول الضابط لطارق أثناء مروره على متن دراجته النارية بحاجز لقوى الأمن الداخلي. «وْراقك ودفتر السواقة». لم يحاول طارق الـ«زوربة» لتفادي المرور لأنه «قانوني». لكنه، لسوء الحظ، نسيَ رخصة القيادة في المنزل. لم يكد الضابط ينتهي من سؤاله عن «دفتر السواقة» حتى طلب حجز الدراجة إلى جانب عشرات الدراجات داخل الشاحنة. «الدفتر بالبيت، إذا ممكن تنطر بس لجيبه. ما تاخذها على البورة. أنا قانوني والله يا وطن»، قال طارق بيأس بعد يوم عمل طويل مرهق. فسمعة «بورة» حجز الآليات سيئة لجهة تعرّض الآليات المحتجزة فيها لسرقة قطع منها. بعدما أبرز طارق، في اليوم التالي، رخصة قيادة الدراجة النارية للمخفر الواقع ضمن نطاق مكان الحجز توجه إلى «البورة» التي يصفها بأنها «مقبرة حديد» تتكدّس فيها دراجات وسيارات، بعضها مرّت سنوات على احتجازها. عندما عثر على دراجته وجدها «بلا مرايا»، فيما لام صاحب «البورة» القوى الأمنية التي «كسرت المرايا أثناء نقل الدراجة».
(حساب قوى الأمن الداخلي على فيسبوك)

في إحدى مناطق جبل لبنان، احتجزت القوى الأمنية سيارة كريم بعدما أضاف إليها جهازاً للإشارة والإنارة مخالفاً للقانون (المادة 49 من قانون السير). نقلت الدورية التابعة لقوى الأمن الداخلي الآلية إلى إحدى البُوَر الموجودة ضمن محافظة جبل لبنان. بعد خمسة أيام من احتجاز سيارته في مَرْأَب كبير، اكتشف أن بطاريتها قد استُبدلت، وعندما واجه أصحاب البورة نفوا أيّ علاقة لهم بالأمر.

مضبوطات نتيجة جرم
ينصّ قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادتين 98 و99 على أصول ضبط مختلف الأدلة وأماكن حفظها (من أوراق وأموال نقدية ووثائق). وفي حال ضُبط ما يتعذّر نقله إلى دائرة التحقيق أو مستودع الأمانات في قصر العدل بسبب حجمه، يسلمه قاضي التحقيق إلى من يراه مناسباً لحفظه بموجب محضر. وإذا كان المضبوط مركبة آلية أو دراجة نارية استعملها المدعى عليه أو المشتبه به في تنفيذ جريمة (كالقتل أو الاتجار بالمخدّرات داخل المركبة)، يعود لقاضي التحقيق أو المحكمة ضبط الآلية أو الدراجة. وبحسب المادة 103 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يعود للقاضي ردّ الآلية المضبوطة إلى صاحب الحق إذا كان حقه خالياً من أي منازعة قضائية، بعد التأكد من أن الاحتفاظ بها لا يفيد التحقيق. فالدراجة أو المركبة المضبوطة نتيجة جرم جزائي تختلف عن تلك المضبوطة في مخالفة سير. في الحالة الأولى يمكن تقديم طلب بفك الحجز عن الآلية المضبوطة أمام المرجع المختص الذي ينظر في الملف أو أمام النيابة العامة أو القاضي المنفرد الجزائي أو قاضي محكمة الجنايات. أما حجز الآليات نتيجة مخالفة قانون السير فيحدد قانون السير الجديد شروط حجز واحتجاز المركبات وأماكن حجزها ومصيرها.

الحراس القضائيون
عند وقوع أي حادث يطاول المركبة الآلية أو الدراجة النارية إثر حجزها، كالسرقة أو وقوع ضرر، هل من مسؤول تتم ملاحقته للتعويض أو الادعاء عليه؟
بموجب مرسوم تحديد شروط حجز واحتجاز المركبات يتعهد المستثمر بالمحافظة على جميع المركبات المحجوزة او المحتجزة لديه, ويتحمل جميع الموجبات المترتبة على الحارس القضائي.
وحدّد قانون السير الجديد في المادة 396 شروط تنفيذ حجز المركبات على أنواعها وحراستها عبر مرسوم يتضمن شروط بيع السيارات والمركبات المحجوزة في حال تلكّؤ أصحابها في تسلّمها ضمن مهلة معينة، أو عدم تسديدهم الرسوم والنفقات المترتبة عليهم، بناءً على اقتراح وزيري العدل والداخلية والبلديات. فمن الذي يُعتبر حارساً على المركبات المحجوزة؟
بحسب المرسوم رقم 780 تاريخ 1971/3/12، يُخصص على الأقل في كل منطقة مخفر إقليمي وفي كل منطقة فصيلة إقليمية لحجز واحتجاز المركبات التي تُضبط في المنطقة. ويُطلق على مكان الإيداع اسم «المرأب». وتُحدد المرائب في كل محافظة بقرار من المحافظ بعد استطلاع رأي قائد السرية الإقليمية في الدرك وقائد سرية السير في شرطة بيروت (المادة 2 من المرسوم). ويُعتبر المؤتمنون على المركبات المحجوزة حراساً قضائيين مع كلّ ما ينجم عن ذلك من نتائج قانونية، ويتقاضون مقابل ذلك تعويضاً يومياً يدفعه مالك المركبة (المادة 395 من قانون السير الجديد).



سنة على دفع المخالفات وإلّا!
يُرفع الحجز عن المركبة بعد قرار من محكمة السير وبعد استيفاء ما يترتب على المركبة من رسوم أو غرامات، أو بعد التأكد من إزالة المخالفات (كإضافة أجهزة إنارة أو إشارة غير مسموح بها بحسب قانون السير أو وجود عاكسات إضافية، أو عدم وجود رقم الطراز المتسلسل) ضمن مهلة سنة.
لكن ما مصير الآليات التي تتخطّى مدة بقائها في المرأب السنة في حال عدم دفع الرسوم والغرامات؟
نصّت المادة 7 من المرسوم رقم 780 تاريخ 1971/3/12 على بيع كل من المركبات والدراجات التي انقضى على إيداعها داخل المَرأب أكثر من سنة. ويتم البيع في المزاد العلني وفقاً لإجراءات بيع الأموال المنقولة المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية، من دون الحاجة إلى إنذار إجرائي. كما يجري تخمين قيمة المركبة المطلوب بيعها من قبل مصلحة تسجيل السيارات والآليات بما فيها الدراجات النارية التي يتم تفكيكها قطعاً وتعطيل أرقام هياكلها وكبسها. ويمكن لرئيس دائرة التنفيذ أن يكتفي بنشر إعلان البيع في الجريدة الرسمية.

ما بعد المزاد العلني
بالنسبة إلى الأموال المكتسبة نتيجة البيع في المزاد العلني، تنصّ المادة 9 من المرسوم رقم 780 تاريخ 1971/3/12 على توزيع الأموال بالأفضلية:
• أجرة إيواء المركبة عن كامل مدة وجودها في المرأب
• الرسوم والغرامات (إذا لم يسددها مالك المركبة)
• أما الرصيد، في حال وجوده، فيُحفظ كأمانة لحساب صاحب المركبة لمدة سنة واحدة ابتداءً من تاريخ البيع. وبعد انقضاء هذه المهلة يصبح المبلغ ملكاً لخزينة الدولة. وإذا لم تكف قيمة البيع لتغطية نفقات البيع والإيواء والرسوم والغرامات، على المالك دفع الفروقات وفقاً لأصول تحصيل الضرائب المباشرة.
نصّت المادة 7 من المرسوم رقم 780 على بيع المركبات والدراجات إذا انقضى على إيداعها داخل المَرْأَب أكثر من سنة


كما تحدد المادة 9 مكرر، تنظيم جدول بالمركبات المحتجزة والتي انقضى على إيداعها في المرائب أكثر من سنتين ولم تُبع بالمزاد العلني خلال سنة من تاريخ طلب بيعها. يُرفع الجدول إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي التي تقوم بتوحيد الجداول الواردة من مختلف القطع، وتطرح هذه المركبات للبيع بالمزاد دفعة واحدة، أو على دفعات، على أن يقوم المشتري عند وجود دراجات نارية بين المركبات التي اشتراها بتفكيكها إلى قطع وتعطيل أرقام هياكلها وكبسها على نفقته قبل تسليمه إياها تحت إشراف المديرية. أما المركبات التي لا تباع بعد طرحها بالمزاد العلني لمرة واحدة فتُتلف عن طريق الكبس بعد تعطيل أرقام الهياكل. في حال تبين وجود مركبات أو دراجات غير مدفوع رسومها الجمركية تبقى موضوع إشعار لإدارة الجمارك لاستيفاء حقها في الرسوم وفقاً لأحكام قانون الجمارك. ويعود ثمن البيع بالمزاد إلى خزينة الدولة.



للحفاظ على الأدلة داخل المركبة المحتجزة
للمركبات أهمية كبيرة في ما يتعلق بالأدلة الجنائية عند حدوث أي جريمة في داخلها أو استعمالها لارتكاب جريمة. فللحارس القضائي مسؤولية إضافية ليس فقط في حراسة الآلية المضبوطة، بل في الحفاظ والتعامل معها في ظل وجود أدلة يمكن الاستناد إليها ضمن التحقيق. صعوبات عدة يواجهها المحقق الجنائي عند معاينة المركبات، إذ إن هذه غالباً ما يتم حجزها داخل مرائب لا سقوف لها، ما يجعل المركبات عرضة للشتاء والهواء وأشعة الشمس. ثم إن عدم وضع أي غطاء يحمي المركبة من الأمطار وضوء الشمس الحارق قد يتسبب بتدمير الأدلة من حمض نووي وغيره.
مشكلة أخرى يعاني منها المحقق، تتمثل في تكديس المركبات بعضها فوق بعض. فعند توجه المحقّق للكشف على الآلية يتطلب ذلك استخراجها عبر رافعة أو جرّها يدوياً أو قيادتها، ما يعرّض الأدلة إلى التلف. لذلك من الضروري ركن جميع المركبات التي تحتوي على هذه الأدلة في مرائب خاصة.