يبدو أن «وشوشات» سبقت فتح ملف كشف الفساد في الدوائر العقارية أدت إلى اتخاذ البعض خطوات احترازية للابتعاد عن المعمعة. فقد علمت «الأخبار» أن المدير العام لوزارة المالية بالوكالة جورج معراوي، بصفته المدير العام للشؤون العقارية، عمل على نقل شقيقته من عقارية بعبدا حيث كانت رئيسة مكتب إلى وزارة المالية، قبل أشهرٍ من بدء التحقيقات. وبمعزلٍ عن احتمالات التورّط من عدمها، يطرح ذلك علامة استفهام ليست الوحيدة في ملف العقارية.
ففي قلم الشوف، مثلاً، تفيد المعلومات بأن المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر ليشع استدعى أخيراً السماسرة الذين ينشطون هناك، واستمع إلى روايتهم من دون أن يدعي على أحد من الموظفين. وتردّد أنه «يتجنّب» الخطوة، بما أن «كبيرهم» أمين السّجل هـ. ط. غادر إلى الخارج قبل نحو أسبوعين، بعدما طلبت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون الاستماع إليه في القضية. ووفق مصادر قضائية فإنه «ما كان ليتمكّن من السفر لو أن عون أصدرت مذكرة بحثٍ وتحرّ بحقه، أو لم يتأخّر ليشع في فتح ملف الشوف». إذ إنه بعد الانتهاء من تحقيقات قلمي بعبدا وعاليه (كجزء من عقارية بعبدا)، اتّجه نحو المتن الشمالي حيث باشر التحقيقات في عقارية الزلقا، ومع ختم الملف هناك عاد إلى الشوف ليستمع إلى السماسرة، علماً أن قلم الشوف تابع إدارياً لعقارية بعبدا.
وفي جديد ملف عقارية الزلقا، يؤكّد متابعون أن ليشع ختم التحقيق بالادعاء وجاهياً على 51 موظفاً بتهم تقاضي الرشاوى والإثراء غير المشروع. وقد أوقفت شعبة المعلومات 21 منهم أثناء حضورهم إلى مكاتبهم خارقين إضراب موظفي الإدارة العامة، فيما سطّر ليشع بلاغات بحثٍ وتحر بحق البقية المتوارين عن الأنظار، وحوّل الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، الذي أحاله بدوره على قاضي التحقيق حنا بريدي من دون معرفة الأسباب. ويتحدّث العارفون بأروقة السجل التجاري في الزلقا عن «وكر فسادٍ يتخطى ما يحصل في بعبدا»، إذ إن المناطق التابعة له عقارياً تتميّز بأسعارها الباهظة.
توقيف 21 موظفاً من عقارية الزلقا من بين 51 مدعى عليهم


وبالعودة إلى بعبدا، رست حصيلة التوقيفات على 35 موظفاً، أُخلي اثنان منهم فقط، وهما مياومان يعملان في تجليد المستندات ونقلِها، ولا إمضاء لهما، وفق مصادر قصر عدل بعبدا. وعُلِمَ أنه بعد طلب وكلاء الموقوفين من القاضي منصور إخلاء سبيلهما سنداً للمادة 111 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، أي مقابل كفالة مالية عالية ومنع سفر ومزاولة مهنة ومغادرة المنزل، أصدر منصور قراراً بإحالة الملف إلى النيابة العامة، وطلب منها إجراء مطالعة بالأساس وإبداء الرأي بطلبات إخلاء السبيل.