يضمن وجود الـ«أونروا» تناقل صفة اللاجئ الفلسطيني بين جيل وآخر، وبالتالي يمكن القول إنّ وجودها يضمن عدم سقوط حقّ العودة من منظور القانون الدولي. فلو تم نقل ملف اللاجئين الفلسطينيين من الوكالة إلى مفوضية اللاجئين، لا يبقى إلا اللاجئون الذين هجّرتهم العصابات الصهيونية عام 1948، والذين يُقدّر عددهم اليوم بما لا يتجاوز بضع عشرات الآلاف، مقارنة بما يزيد على 5 ملايين لاجئ مسجّلين لدى الـ«أونروا». ولهذا السبب تحديداً يتم استهداف هذه المنظمة من النظام الإسرائيلي وأدواته، مثل UN Watch، وأيضاً من قِبل حلفاء هذا النظام، خصوصاً الولايات المتحدة. فإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب فعلت المستحيل لإلغاء الوكالة، وقطعت التمويل عنها تحت ذرائع شتّى، بما فيها تقارير UN Watch ومثيلاتها. فشل ترامب في النيل من الـ«أونروا». لكنّ إدارة الرئيس الحالي جو بايدن استفادت من الفجور والغطرسة اللذيْن تصرّف بهما ترامب مع صهره وأصدقائهما الصهاينة تجاه فلسطين لتصوّر نفسها معتدلة وإنسانية وعقلانية، وفي الوقت نفسه فرضت شروطاً ضيّقت فيها مساحة الحرية في الوكالة كشرط لاستئناف تمويلها بما يشبه جائزة ترضية للإسرائيليين. فبايدن أيضاً صهيوني، باعترافه الحرفي والعلني والصريح.
الـ«أونروا» ليست أقل فساداً من غيرها (ولا أكثر) أو أقل هدراً للأموال على خبراء وبرامج لا تمتّ إلى الواقع بصلة. وفيها، كما في غيرها من المنظمات، موظفون صهاينة، بعلمهم أو من دون قصد (وما أكثرهم)، وفيها أيضاً من التقصير والإهمال والاستهتار ما يقزز في بعض الأحيان. في ذلك كلّه، ليست الـ«أونروا» استثناء بين المنظمات الأممية، لكن وجودها له وظيفة وفائدة للقضية الفلسطينية وحقّ العودة بشكل خاص، ولذلك تتم محاربتها دون غيرها.
وفي نهاية المطاف، الـ«أونروا»، بل منظومة الأمم المتحدة برمّتها، ليست طرفاً أو لاعباً في العلاقات الدولية، ولا يفترض أصلاً أن تكون كذلك، بل هي ساحة من ساحات الصراع، تختلف قليلاً قواعد اللعبة فيها عن غيرها من الساحات وتُستخدم فيها كلّ الأسلحة. الرابح فيها يفوز بأدوات يسخّرها لمصالحه، بغضّ النظر عن القانون الدولي وحقوق الإنسان. وبالنسبة إلى فلسطين وقضيّتها، فهي أحد الميادين، وأقل أهمية من ميادين المواجهة المسلّحة وحتى من المواجهة السياسية.
إلّا أن تحقيق المكاسب التي تدعم جهود وتضحيات المقاومة ضد النظام الإسرائيلي ليس صعباً، بخاصة أن القضية الفلسطينية هي بكلّ المعايير قضية عدالة. وهي بالتالي القضية المركزية.