يستطيع أي شخص يمتلك حدّاً أدنى من الخبرة في مجال المعلوماتية والقرصنة أن يدخل إلى ملفّات قضائية من المفترض أن تكون محميّة ومحفوظة بشكل آمن، وذلك عبر خطوات سهلة إلى حدّ ما، إضافة إلى إمكانية الدخول إلى ملفّات يمكن أن تكون أحكاماً قضائيّة وتعديلها لأهداف جرميّة (تغيير تفاصيل صغيرة وعبارات داخل نصّ مؤلّف من عدّة صفحات على سبيل المثال). ويمكن أن يسبّب ذلك كارثة في أروقة قصور العدل بحيث تنقلب الحقائق ويغدو المجرم بريئاً أو العكس. وتكمن الخطورة أيضاً، في كثير من الأحيان، في ملفّات تتعلّق بقضايا عملاء العدو الإسرائيلي وفي إمكانية سرقة ملفّات التحقيق والأحكام بحقّهم وتحريفها لتبرئتهم وإبعادهم عن المثول أمام قوس العدالة. تعاني المؤسّسات والإدارات والهيئات الرسمية في لبنان من ضعف في مجال المكننة وتأمين البنية التحتيّة السليمة لحماية المعلومات وحفظ البيانات بشكل آمن بعيداً من أعين المجرمين. وتشكّل المؤسّسات القضائيّة جزءاً مهماً من عملية بناء الدّول والمجتمعات وحفظ الأمن والسهر على سير العدالة وإنفاذ القوانين. لذلك يفترض العمل على تعزيز حماية وتحصين القضاء في كلّ المجالات لا سيّما على الصعيد الإلكتروني.

لأجل «قضاء أكثر أمناً»
تلجأ المؤسّسات الحكومية والأمنيّة والقضائيّة عادةً إلى اعتماد أنظمة حماية متكاملة لضمان أمن الشبكات والأجهزة في مواجهة أي خرق محتمل، وتشمل هذه الأنظمة تفاصيل كلّ مؤسّسة من الأفراد والأجهزة وأماكن العمل.
وتلعب الحكومة وفرق أو منظّمات حكومية مثل Cybersecurity Empowerment Research Team (فريق البحث وتطوير أمن المعلومات) دوراً رئيسياً في حماية البنية التحتيّة للمعلومات الحيوية وأنظمة المعلومات المهمّة. إذ يفترض لكل دولة تربط أنظمتها الحيوية بالإنترنت، أن تكون قادرة على التخفيف بشكل فعّال من حدّة التهديدات الأمنية، والاستجابة للحوادث، وإيجاد الحلول المناسبة لها، ومنعها بشكل فعّال. وتعمل هذه الفرق أيضاً كمصدر للمعلومات الأمنية وتساعد هيئات الدولة والإدارات والمؤسّسات والمواطنين. كما تلعب دوراً رئيسياً في تعليم أمن الإنترنت.
ونظراً إلى غياب المكننة أو ضعف بنيتها التحتيّة في المؤسّسات الرسميّة اللبنانية، لا بدّ من التطرّق إلى بعض الإجراءات الفرديّة التي يستطيع الشخص تفعيلها بسهولة. من بين هذه الإجراءات التي يمكن أن يتّبعها القاضي على المستوى الفردي لحماية حاسوبه من أي تدخّل:
1. رقمنة المستندات والملفّات الخاصّة: بالنسبة لغالبية العاملين في السلك القضائي (قضاة، محقّقون...)، تصبح المستندات الورقية خطراً أمنياً أكبر من المستندات الرقمية. قد يفقد أحد القضاة على سبيل المثال نسخة ورقية من المستند، أو يمكن لشخص ما حمله خارج مكان العمل من دون علم أي شخص. لذلك يجب حفظ البيانات والمستندات والأرشيفات داخل حواسيب محميّة بأنظمة أمان (برامج Firewall وAntivirus)
2. يعدّ استخدام الحماية بكلمة مرور للملفّات المهمّة إجراء ضرورياً. في حال كان القضاة يستخدمون أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو الهواتف الذكية للعمل على مستندات حساسة، فيمكن لشخص ما أخذ الجهاز. من دون حماية كلمة المرور على الأجهزة أو الملفّات الموجودة على الجهاز المحمول، يمكن للشخص الذي يستولي على الجهاز والوصول إلى الملفّات الحسّاسة. عند العمل مع أنواع معيّنة من البرامج الشائعة الاستخدام لإنشاء المستندات والنّصوص كبرامج Microsoft Office، فإنّ إضافة كلمة مرور لتأمين المستندات عملية سهلة.
3. حفظ الملفّات والنّصوص المكتوبة بصيغة Word أو Adobe Acrobat PDF Documents بنظام تشفير وبكلمة سرّ غير تقليدية بالإضافة إلى إجراء تقييد تعديل النّص.
(Word: Info/Protect Document/Encrypt with Password/Restrict Editing)
(PDF: Tools/Protect/More Options/Encrypt with Password/Encrypt with Certificate/Read-Only Settings)
4. عدم السّماح لأي شخص آخر باستخدام الكمبيوتر الشخصي (زملاء، أفراد أسرة...) وتجنّب حفظ المعلومات والملفّات الشخصيّة على حاسوب Desktop مشترك.
5. تفعيل إجراءات النسخ الآمن Backup لأي ملفّ أو مستند (أحكام قضائيّة، قرارات، دراسات...): يتضمن جزء من عملية تأمين المستندات وجود سياسة نسخ احتياطي مطبّقة للمستندات والنسخ الأصليّة على Drive أو Dropbox. إذا كان لدى أحد القضاة النسخة الوحيدة من مستند مهم على محرّك الأقراص الثابتة للكمبيوتر المحمول، قد تختفي أو تتلف النسخة الوحيدة في حال تعرّض الحاسوب للسرقة أو توقّف عن العمل.
أحد أفضل الطرق لضمان النسخ الاحتياطي Backup المستمرّ للملفّات بشكل آمن هو استخدام التخزين السحابي Cloud Storage. مع وجود الإعدادات الصحيحة في مكانها الصحيح، سترسل أجهزة الكمبيوتر المحلية تلقائياً وبشكل مستمر نسخاً معدلة من الملفّات إلى السحابة Cloud، مما يضمن وجود النسخ الاحتياطية دائماً، حتى في حالة تلف النسخة المخزّنة محلياً. غالباً ما يمنح موفرو التخزين السحابي المشتركين خيار تشفير جميع البيانات التي يخزنونها في السحابة، مما يوفّر مستوى آخر من الأمان للمستندات وللمؤسّسة.
وفي حال تخزين البيانات على خادم محلي Local Server، فإن البرنامج الذي يقوم بإنشاء نسخ احتياطية تلقائية للملفّات الموجودة على الخادم في السحابة يعدّ خياراً آخر لتأمين المستندات.
سواء كان استخدام التخزين السحابي أو برنامج النسخ الاحتياطي للخادم لإنشاء نسخ احتياطية من مستندات الفريق يتطلّب اشتراكاً، مما يؤدي إلى تكلفة إضافية للمؤسّسة، إلا أن اتخاذ هذه الخطوة مهم لتجنب فقدان المستندات بشكل عرضي بسبب كارثة على المستوى المحلي.
6. في حال استخدام أقراص «الفلاش ميموري» USB (والتي تكون عادةً هدفاً للقراصنة والمتصيّدين الإلكترونيين) لحفظ الملفّات يجب هنا تنظيف القرص من الفيروسات (Scan) وتشفير الفلاش بكلمة مرور باستخدام أدوات كـ BitLocker في أنظمة Windows التي تتيح حماية القرص بكلمة سرّ ويجب حفظها في مكان آمن.
7. تفعيل برمجيات الحماية كـ "Bitdefender" و"Kaspersky" والتي تتضمّن تعليمات وأنظمة حماية في ما يتعلّق بأمن المستندات والملفّات. على سبيل المثال يقوم برنامج Kaspersky Endpoint Security بإجراءات البحث عن البرمجيّات الخبيثة كالفيروسات التي قد تؤدّي عادةً إلى إتلاف الملفّات أو سرقتها.
8. حماية البريد الإلكتروني Email بإجراءات أمان عالية مثل كلمات مرور صعبة وتفادي إرسال مستندات حسّاسة عبر الإيميل نظراً لإمكانية تعرّضها للسرقة.