وصل عدد المصابين بالكوليرا في بلدة عرسال إلى 17 حالة مؤكدة، من النازحين السوريين المقيمين فيها، في انتظار نتائج فحوص ثلاثين مريضاً يعانون من عوارض المرض. عدد وجده وزير الصحة فراس الأبيض، «قليلاً ومحصوراً»، وفق ما قال خلال زيارته البلدة أمس للاطلاع على مواقع لإقامة مستشفى ميداني فيها، مرجّحاً أن يتم اختيار موقعين، الأول سيتم إنشاء المستشفى فيه خلال أيام، والثاني سيتم تجهيزه مع الوقت. وإن لفت الأبيض إلى أنّ «عرسال ذات الكثافة السكانية العالية تفتقر إلى مستشفى حكومي»، ذلك أن أقرب مستشفى حكومي يبعد 40 كلم.هذا الوضع «المقبول» حتى الآن، يقابله «تراخ» في متابعة أحوال المصابين بالكوليرا، فقد كشف النائب ملحم الحجيري عن «نقله حالتين بسبب خطورة وضعهما إلى مستشفى شتورا، إلا أنهما تمكنتا من الفرار منها»، محذّراً من أن يؤدي «تفشي المرض إلى كارثة صحية كبيرة، لذا لا بد من حصر المصابين ومعالجتهم بالإضافة إلى زيادة عدد العيّنات للأشخاص الذين يعانون من عوارض شبيهة بعوارض الكوليرا».
موظفو المستشفى الميداني
وعلمت «الأخبار» من مراقبين في البلدة أن المستشفى الميداني سيتم إنشاؤه في الحارة الشمالية، داخل بلدة عرسال، بالقرب من مبنى الجمعية الطبية الإسلامية التابع للجماعة الإسلامية، وأن الموظفين في المستشفى الميداني باتت «أسماؤهم جاهزة». وهذا يرفضه عدد من أبناء البلدة «الذين تقدّموا للمقابلة في صالة العرايش من قبل لجنة من «أطباء بلا حدود»، وهم خريجون من الجامعة اللبنانية في مجال التمريض، ومن بينهم من له خبرة في العمل الطبي أكثر من 25 عاماً، ما يطرح علامات استفهام عن الأسماء التي قُبلت ويجري إخفاء أسمائها حتى اللحظة الأخيرة!».

مافيا الآبار الخاصة؟
من جهة ثانية تعتبر المياه النظيفة من الأولويات في الحدّ من انتشار الكوليرا، فقد أشار الأبيض خلال زيارته محطة تكرير مياه الشرب في الحارة الشمالية، على الطريق المؤدية إلى وادي حميد، إلى أنّ محطة التكرير المموّلة من صندوق التنمية القطري وإشراف جمعية الهلال الأحمر القطري تمدّ النازحين السوريين بـ40 ألف ليتر من المياه النظيفة، ويتم العمل حالياً على زيادة الكمية لتعطي 80 ألف ليتر بدل الـ 40 ألف ليتر، ويفيد منها 137 مخيماً بدلاً من 87 مخيماً وذلك ضمن خطة مساعدة للمخيمات. وستشمل المدارس أيضاً». لكن فات وزير الصحة العامة أن محطات التكرير ستطال النازحين السوريين فقط، دون المجتمع العرسالي المضيف، والمهدّد أيضا بالإصابة بالكوليرا نتيجة الصرف الصحي من المخيمات. وقد أشار الأبيض إلى أن هناك «حديث» مع الصليب الأحمر الدولي لمدّ وتركيب ألواح طاقة شمسية لتشغيل محطات لتأمين المياه السليمة والنظيفة للشرب والاستهلاك المنزلي ضمن خطة الكوليرا». لكن لأبناء عرسال كلام آخر في هذا المجال، يؤكد على «ظلم البلدة وحرمانها من أبسط مقومات العيش الكريم نتيجة تقاعس الدولة وإداراتها، بالإضافة إلى الاتفاقات المشبوهة التي تستهدف أبناءها» بحسب عدد من الناشطين في البلدة عرسال. ويؤكد هؤلاء وجود 5 آبار عامة في البلدة، تابعة للدولة ومؤسسة مياه البقاع، ولكنها لا تزوّدهم بالمياه، علماً أن المشكلة ليست في الطاقة الشمسية، فهناك 4 آبار أيضاً مجهزة بالطاقة الشمسية وهي «عين الشعب» الأساسي، و»مفرق بدارية»، و»وادي سويد»، (ويتم تجهيز بئر «وادي التوون» حالياً من قبل الصليب الأحمر بالطاقة الشمسية)، لا يتم تشغيلها ولا تزوّد العراسلة بمياهها.
وفي مقابل عدم تشغيل الآبار العامة ثمة آبار خاصة، وبالاتفاق مع البلدية، أقدم أصحابها على حفر الطرقات في أحياء البلدة ومدّ شبكات مياه للمنازل «على طريقة اشتراكات مولدات الكهرباء»، حيث يدفع كلّ منزل يريد الاستفادة من مياه الآبار الخاصة دولاراً واحداً عن كلّ ألف ليتر، «في مخطط تسري آليته بعدم تشغيل الآبار العامة والإبقاء فقط على الخاصة بقصد الإفادة من قبل منسقي الاتفاق المشبوه».


بلدية عرسال حُلّت... ولكن
أعلن محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر منذ يومين حلّ المجلس البلدي في عرسال «بعد فشل مساعي تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين ورفض الأعضاء المستقيلين التراجع عن استقالاتهم التي تقدّموا بها في 18 آب الفائت، وعادوا وأكدوا عليها في 8 أيلول الفائت، لتصبح نافذة حكماً بعد شهر بحسب القانون».
ورغم إحالة الملف إلى وزارة الداخلية والبلديات، إلا أن البلدية لم تُحلّ بعد، بحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، وأنّ هناك مساع للإبقاء على المجلس البلدي، وعودة الأعضاء المستقيلين عن استقالتهم لا زالت ممكنة وبتزكية من وزير الداخلية والبلديات نفسه. وأكد النائب ملحم الحجيري أن «عرسال تحتاج إلى بقاء المجلس البلدي في ظل الظروف التي تعيشها حالياً وأن المساعي والطروحات لم تنته بعد، ومنها الطرح الذي لا زال مستمراً وهو انتخاب نصرت رايد رئيساً للبلدية (هو يشغل منصب نائب الرئيس)، وإصرار عدد من الأعضاء المستقيلين على الحصول على مقعد نائب الرئيس ما يرفضه الطرف الآخر».