تتغذّى أكثر من ألفَيْ وحدة سكنية في بلدة الفاكهة ـ الجديدة ـ الزيتون بمياه الشفة من ثلاثة مصادر للمياه. الأول هو نبع "الجاذبية" الذي يغذي 750 منزلاً للبنانيين في مقابل 250 للنازحين السوريين، ونبع ومحطة "الفاكهة" الذي يغذي حيّ الفاكهة (نحو 300 منزل يقطنها لبنانيون و100 منزل يقطنها نازحون سوريون)، أما المصدر الثالث فهو بئر "سحتا"، التي من المفترض أن تغذّي حيّ الزيتون (800 منزل للبنانيين و300 للنازحين السوريين). البلدة التي تفتقر إلى مجلس بلدي منذ ثلاث سنوات، حصلت على تمويلين لتأهيل محطات ضخّ نبع الفاكهة، من السفارة السويسرية، وبئر سحتا من وكالة التنمية الأميركية. وعلى الرغم من أن المشروع الأول، وهو تأهيل محطة الضخّ لنبع الفاكهة وتطويرها، وتشغيلها على الطاقة الشمسية، انطلق في شهر حزيران الفائت إلا أنّ أعماله انتهت قبل الموعد المحدّد، ليتخلص المستفيدون منه من العبء المالي لصهاريج مياه الشفة. أما مشروع بئر سحتا، الذي تقرّر تشغيله بمحطة ضخّ منذ أكثر من سنة بمشروع طاقة شمسية مموّل من وكالة التنمية الأميركية (USAID) عبر برنامج دعم المجتمع المحلي، وبالشراكة مع محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر ومؤسسة مياه البقاع، فقد افتُتح في نيسان الفائت بمباركة من المحافظ، ولا يزال قيد التنفيذ.

عبء فاتورة المياه
المشروع ينتظره أهالي حيّ الزيتون بفارغ الصبر، لأنّ غيابه يكلّف كل منزل ما يقارب المليوني ليرة شهرياً بدل شراء مياه عبر الصهاريج، بحسب ما يقول الدكتور فؤاد سكرية. ويتساءل ابن بلدة الفاكهة: "من الذي يتحمّل مسؤولية دفع الأهالي أكثر من مليارَيْ ليرة لبنانية بدل صهاريج مياه للشرب طوال الفترة الماضية؟!".
يعقد مختار بلدة الفاكهة أحمد غنّام المقارنة بين مشروعي المياه في البلدة، "أُنجز العمل في مشروع الفاكهة وبدأ بتغذية منازلها قبل المدة المحدّدة في الالتزام، في حين أن بئر سحتا التي بدأ العمل فيها منذ شهر 12 العام الماضي لم تُنجز، وعندما نراجع يكون الردّ بأن هناك مشاكل تقنية من دون تحديدها". لكنّ المختار يعرف أنّ المشكلة قد تكون في تسليم الأشغال من متعهد أساسي إلى متعهد ثانوي، محمّلاً المتعهد الرئيسي وهو شركة أريسون كلّ مسؤوليات التأخير في تنفيذ المشروع وإنجازه، سواء لجهة الالتزام بالمعايير أو التعويض على الأهالي بسبب الكلفة العالية التي يتكبّدونها، بدل نقلة المياه 600 ألف ليرة كل أربعة أيام؟
بدوره يلفت المختار زياد خوري إلى أنّه "لم يتدخل في مشروع بئر سحتا" لكنه يشدّد على حصول "تقصير من المتعهّدين وخلافات بين الشركة المتعهّدة والمتعهّد الثانوي".

من متعهّد إلى ثانٍ فثالث
من المعروف أنّ مشروع الكهرباء المستدامة لمحطة مياه الفاكهة - بئر سحتا، من خلال توريد وتركيب ألواح الطاقة الشمسية وتطوير محطة الضخ وتحسين عملها والمموّل من USAID، رسا تعهد أشغاله على "شركة عبد الرزاق عيتاني وأولاده - أريسون ش.م.م" على أن تبدأ الأعمال بعد إذن مباشرة العمل من المحافظ. وبالفعل وقّع خضر بتاريخ 9 تشرين الثاني 2021 إذن المباشرة مع تحديد مكان ترحيل ناتج الحفر إلى الكسارة في منطقة الفاكهة العقارية. وبحسب مصادر مطّلعة في بلدة الفاكهة، فإن "شركة أريسون، صاحبة التعهد بالتنفيذ، أوكلت التعهد إلى شركة شامونيكس، التي بدورها تعاقدت مع متعهد من بلدة الفاكهة يدعى ع.م. وأوكلت إليه تركيب ألواح الطاقة الشمسية مع حفر وإسمنت والقواعد الحديدية والانفرتر وغيرها من المتطلبات، وقد شرع ع.م. في تنفيذ الأشغال، وبعد الانتهاء لم يحظَ عمله برضى الاستشاري الذي طالب بإعادة فك وتركيب ألواح الطاقة، الأمر الذي انعكس تأخيراً على المشروع". وقد حاولت "الأخبار" التواصل مع المتعهد ع. م إلا أنه رفض الحديث.

الجودة وليس المهلة
من جهتها، لم تنفِ مصادر في إحدى الشركتين المتعهدتين ما ذكرته مصادر بلدة الفاكهة، فأوضحت أنّ "أحد أسباب التأخير تلزيم التعهد الى متعهّد آخر، تبين أنه أخطأ في أكثر من مكان، ونحن بالتعاقد معه كنا نحاول تحريك العجلة الاقتصادية بالتعاقد مع أحد متعهّدي بلدة الفاكهة لكنه لم يلتزم، والشركة المتعهدة طلبت الفك وإعادة التركيب والعمل متواصل لإنجاز المشروع". ومن الأسباب الأخرى للتأخير "الرغبة في الالتزام بمعايير الجودة، ومنها الحصول على ألواح طاقة شمسية جيدة، لذا توجّب انتظار تأمين بضاعة مطابقة للمواصفات المطلوبة". ورجّحت المصادر أن يبدأ تشغيل المشروع "في نهاية الأسبوع الأول من تشرين الثاني المقبل".