في لبنان تستقل كل طائفة، لا بل كل مذهب، بالأحوال الشخصية للمنتمين الى تلك الطائفة أو المذهب، وذلك من حيث التقاضي والحقوق والواجبات. هذا الاستقلال ليس استقلالا عن كيان الدولة فحسب بل عن باقي المواطنين. فلكل مذهب محاكمه وقضاته الذي يحكمون، حصرا دون سواهم، في مسائل الأحوال الشخصية التي تعني المؤمنين الذين يدينون بديانتهم، ولا تتدخّل الدولة «المدنية» إلا في عملية قيد وثائق الأحوال الشخصية، وهي التي نظمتها بموجب قانون قيد وثائق الاحوال الشخصية والجنسية اللبنانية بموجب قانون الجنسية. وفي ما يتعلق بالزواج على سبيل المثال، فإن صلاحية دوائر الأحوال الشخصية ليست سوى صلاحية إدارية تقتصر على تسجيل وثائق الزواج الذي تثبته وتجريه الجهات الدينية.
(هيثم الموسوي)

حرص النظام اللبناني منذ نشأة الدولة اللبنانية على احترام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية للطوائف والمذاهب، وكان يقوم على الدوام بإضافة « طائفة» أو «مذهب» الى الطوائف المشمولة بهذا الاحترام.
بدأت حكاية الأحوال الشخصية مع متصرفية جبل لبنان التي كانت تحترم خصوصية الطوائف لا سيما المسيحية، بحماية من الدول الأوروبية الست آنذاك، وانتقلت الحماية لتكون مادة في نص صك الانتداب لسوريا ولبنان، حيث نصت المادة السادسة منه على أن النظام القضائي الذي تنشئه الدولة المنتدبة «يضمن للاهلين، على اختلاف مللهم، احترام نظام الاحوال الشخصية والمصالح الدينية». هذه العبارة بحرفيتها انتقلت الى الدستور اللبناني حيث نصت المادة التاسعة منه على أن «الدولة تضمن للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية».

المادة 6 من نص صك الانتداب لسوريا ولبنان:
تنشىء الدولة المنتدبة في سوريا ولبنان نظاماً قضائياً يصون حقوق الاجانب والوطنيين صيانة تامة ويضمن ايضا للاهلين، على اختلاف مللهم، احترام نظام الاحوال الشخصية والمصالح الدينية. وتقوم الدولة المنتدبة، على وجه خاص، بمراقبة ادارة الاوقاف طبقا لما تقضي به الشرائع الدينية وارادة الواقفين.

المادة 9 من الدستور اللبناني:
حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الاجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية اقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك اخلال في النظام العام، وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية.
وحين أصدر المفوض السامي الفرنسي سنة 1923 قرار تأليف واختصاص بعض المحاكم في لبنان، نص في المادة 15 منه على أنه لا تطبق احكامه على قضايا الاحوال الشخصية في ما بين المسلمين،
سنة 1926 كان المفوض الفرنسي واضحاً في قرار له لطمأنة الطوائف، فأورد بشكل واضح أنه في دعوى الاحوال الزواجية يكون قاضي الاحوال الشخصية ذو الصلاحية هو قاضي السلطة الدينية التي عقد الزواج امامها، وأن من يحكم في مسائل الاحوال الشخصية في ما يختص بالطوائف الاسلامية وغيرها المعترف بها محاكم الاحوال الشخصية العائدة لكل منها.
إلى أن وضع المفوض الفرنسي دي مارتيل نظام الطوائف الدينية في العام 1936 بموجب القرار 60 ل.ر. تاريخ 13/3/1936 زالذي ما يزال ساريا لغاية اليوم، وينص على أن «الاعتراف الشرعي بطائفة ذات نظام شخصي يكون مفعوله اعطاء النص المحدد به نظامها قوة القانون ووضع هذا النظام وتطبيقه تحت حماية القانون ومراقبة السلطة العمومية».
ونص بشكل واضح على أن اللبنانيين المنتمين الى الطوائف المعترف يخضعون لنظام طوائفهم الشرعي في الامور المتعلقة بالاحوال الشخصية ولأحكام القانون المدني في الامور غير الخاضعة لهذا النظام. فالمبدأ أن كل موضوع يعتبره قانون الاحوال الشخصية لطائفة معينة من ضمن شؤون الاحوال الشخصية يصبح من صلاحية هذه المحاكم، وكل ما عدا ذلك يصبح من اختصاص القضاء العادي.
وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن قضاء الطوائف المسيحية مستقل عن تنظيمات الدولة القضائية على خلاف القضاء الشرعي السني والجعفري والعلوي والدرزي الذي يعد جزءا من التنظيم القضائي اللبناني. وسبق أن تم تقديم اقتراح قانون يرمي الى ربط القضاء المذهبي للطوائف المسيحية الكاثوليكية الست (المارونية، الروم الكاثوليكية الملكية، الارمنية الكاثوليكية، السريانية الكاثوليكية، اللاتينية والكلدانية) ولطائفتين اثنتين من الطوائف المسيحية الارثوذكسية (السريانية الارثوذكسية والشرقية الاشورية الارثوذكسية في لبنان) بتنظيمات الدولة القضائية، بجعله جزءاً منها، على غرار القضاء الشرعي السني والجعفري (قانون 16/7/1962) والعلوي (القانون رقم 449 تاريخ 17/8/95 المتعلق بتنظيم شؤون الطائفة الاسلامية العلوية في لبنان، والقانون رقم 450 تاريخ 17/8/1995 المتعلق بانشاء وتنظيم المحاكم العلوية الجعفرية) والقضاء المذهبي الدرزي (قانون 5/3/1960). وكانت لهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل تحفظات عدة لجهة ان اقتراح القانون، في حال السير به، من شأنه ان يخلق تفاوتاً كبيراً غير مبرّر في صلاحيات كل من مجلس القضاء الاعلى (العدلي) وكل من مجلسي القضاء الاعلى (المذهبيين)، وان يرتب اعباء مالية ضخمة على خزينة الدولة وعلى صندوق تعاضد القضاة وتحفظات أخرى أوردتها في الاستشارة رقم 415/1999.

اختصاص حصري
إن سلطان الطائفة بقوانينها ومحاكمها لا يطال سوى الاشخاص المنتمين الى تلك الطائفة. فاختصاص المحاكم المذهبية، الشرعية أو الروحية في مسائل الأحوال الشخصية هو اختصاص وظيفي، والاختصاص الوظيفي هنا يعني أنه يحق للخصوم الإدلاء به في جميع مراحل المحاكمة، لا بل حتى على المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها وتعلن عدم اختصاصها في موضوع النزاع.
ومن الطبيعي أن قانون الأحوال الشخصية لكل طائفة لا يتضمن قواعد لحل الخلافات بين ابناء الطوائف المختلفة، ما قد يوجد خلافا بين المحاكم المذهبية المختلفة بحيث تدفع كل منها باختصاصها. وهو الأمر الذي يصبح من صلاحية محكمة حل الخلافات لتقرر أياً من المحاكم الدينية تختص بالنظر في هذا النزاع، ومحكمة حل الخلافات هي الهيئة العامة لمحكمة التمييز.


كما يمتنع على اي محكمة دينية لطائفة معينة أن تتجاوز اختصاصها الوظيفي بالنظر في دعوى تختص بالنظر فيها محكمة دينية تابعة لطائفة أخرى.
وتتولى الهيئة العامة لمحكمة التمييز البت في طلبات تعيين المرجع عند حدوث اختلاف إيجابي أو سلبي على الاختصاص: بين محكمة عدلية ومحكمة شرعية أو مذهبية أو بين محكمة شرعية وأخرى مذهبية أو بين محكمتين مذهبيتين أو شرعيتين مختلفتين. كما تنظر في الاعتراض على قرار مبرم صادر عن محكمة مذهبية أو شرعية لعدم اختصاص هذه المحكمة أو لمخالفته صيغا جوهرية تتعلق بالنظام العام.
وتختص المحاكم اللبنانية بالنظر في مسائل الأحوال الشخصية التي تعنيهم، والمقصود بالمحاكم المشار اليها بهذا النص الوارد في قانون اصول المحاكمات المدنية، المحاكم الدينية.
فالزواج يخضع للأحكام الخاصة المذكورة في قانون الأحوال الشخصية لكل طائفة وانحصار إرث المحمديين يخضع لقانون كل طائفة مسلمة، أما غير المحمديين فيخضعون لقانون الارث لغير المحمديين،
فتختص المحاكم الشرعية (السنية والجعفرية) بالدعاوى والمعاملات المتعلقة باثبات الوفاة وانحصار الارث وتعيين الحصص الارثية وفقا لنظام القضاء الشرعي السني والجعفري المصدق بقانون 16 تموز 1962 2
وتختص المحاكم المذهبية الدرزية بالنظر في القضايا والمعاملات المتعلقة بتطبيق احكام الشرع والتقاليد الدرزية وقانون الاحوال الشخصية للطائفة الدرزية (قانون منفذ بالمرسوم رقم 3473 تاريخ 5 آذار 1960 )
قانون الارث لغير المحمديين الصادر بتاريخ 23 حزيران 1959 يطبق على غير المحمديين وأحكامه لا تطبق على تركات ابناء الطوائف المحمدية
وكذلك المفاعيل الناتجة عن عقد الزواج، كالنفقة والبنوة الشرعية، التبني، الحضانة، والطلاق وانحلال الرابطة الزوجية والافتراق وكذلك الوصاية على القاصر أو الحجر وغيرها من الأحكام المتصلة بالأحوال الشخصية تختص بها المحاكم الطائفية والمذهبية والروحية.

قرار باقرار نظام الطوائف الدينية - قرار المفوض السامي رقم 60 تاريخ 13/03/1936
قانون قيد وثائق الاحوال الشخصية، نوع النص: قانون | رقم 0 تاريخ: 07/12/1951


الطوائف اللبنانية
الطوائف اللبنانية بناء على القرار 60 تاريخ 13 اذار 1936 المعدل بموجب القرار رقم 146 تاريخ 18/11/1938
والقانون تاريخ 21/12/1962 والقانون رقم 341 تاريخ 16/6/1994 والقانون رقم 553 تاريخ 24/7/1996 :
الطوائف المسيحية :
1. البطريركية المارونية
2. البطريركية الروم الارثوذكس
3. البطريركية الكاثوليكية الملكية
4. البطريركية الارمنية الغريغورية (الارثوذكسية)
5. البطريركية الارمنية الكاثوليكية
6. البطريركية السريانية الكاثوليكية
7. البطريركية السريانية او السريانية الكاثوليكية
8. الطائفة الشرقية الاشورية الارثوذكسية
9. البطريركية الكلدانية
10. الكنيسة اللاتينية
11. الكنيسة القبطية الارثوذكسية
الطوائف الاسلامية:
12. الطائفة السنية
13. الطائفة الشيعية (الجعفرية)
14. الطائفة العلوية
15. الطائفة الاسماعيلية
16. الطائفة الدرزية
الطوائف الاسرائيلية:
17. كنيس حلب
18. كنيس دمشق
19. كنيس بيروت