ويتغذى الصندوق من هذه المساهمة إضافة إلى رسوم المعاملات في المحاكم واشتراكات القضاة الشهرية التي تُحسم من رواتبهم. ولأن هذه المداخيل انخفضت قيمتها بفعل الأزمة المالية، صار الصندوق عاجزاً عن تلبية 90% من حاجات القضاة الذين يتعدى عددهم الـ220 بين عاملٍ في السلك ومتقاعد، بالإضافة إلى أسرهم.
غسل دريان يديه من مطالبهم بعدما وعدهم بمساعدتهم في الاستحصال على هبة سعودية
ما يثير غضب القضاة في المحاكم الشرعية السنية أكثر هو رفض مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إدراج أسمائهم في لوائح المستفيدين من المنحة القطرية (150 دولاراً شهرياً) رغم أنّ المنحة لم تُدفع إلا مرتين. مع ذلك، لم يجدوا سوى دار الفتوى «حائط مبكى». بالنسبة إليهم، فإن دريان يملك صيغة حل من خلال الدخول عبر البند المتعلق بإمكانية قبول صندوق التعاضد للهبات. صحيح أن هذا الأمر لم يكن يحصل سابقاً، إلا أن الأوضاع الاقتصادية تُحتّم اليوم قبول هذه الهبات والعمل على جلبها.
في البداية كان المفتي متعاوناً. نصحهم برفع الصوت ليتمكّن من تقديم يد العون لهم بمحاولة الحصول على هبة سعودية، خصوصاً أن دريان نفسه بقي منتسباً إلى الصندوق الخاص بالقضاة بعد انتخابه مفتياً. وهذا ما حصل، إذ دعا رئيس المحاكم السنية الشيخ محمد عسّاف إلى اجتماعٍ في مكتبه لعدد من القضاة المقربين منه واستثنى منه آخرين. وعلى عجل، التقط القضاة لهم صورةً تم نشرها في إحدى الصحف، قبل أن يرسلوا نسخة عن الخبر إلى «سماحته».
مرّت الأيام ولم يتغيّر وضعهم. وسرعان ما استبشروا خيراً بعد أن سمعوا بالإفطار الذي سيقيمه السفير السعودي وليد بخاري على شرف دريان، وظنوا أن المفتي سيفاتح السفير بالأمر و«ستلعب» الأموال في الصندوق. لكن ذلك لم يحصل... لا دريان «فتح سيرة» للسفير ولا السعودية فتحت حنفيّتها. وهذا ما أثار نقمة القضاة الذين اشتكوا لعساف الذي قام بزيارة خاطفة إلى دار الفتوى. ما سمعه الرجل هناك لا يشبه الجو الذي سمعه من دريان في الزيارة السابقة، إذ إن الأخير «غسل يديه» من مطالب القضاة. ويتردّد أنه طلب من رئيس المحاكم السنية ألا يحيل إليه أي مطلب يخص القضاة الشرعيين وأنه لن يعمد إلى إدراج أسمائهم في لوائح المستفيدين من المنحة القطرية أو حتى في مساعدتهم على الاستحصال على هبة خليجية لصالح صندوق التعاضد. وأبدى أمامه انزعاجه من هجوم بعض القضاة عليه على «الغروب» الخاص بهم، طالباً من عساف عدم مراجعته مستقبلاً وعدم إعطاء مواعيد للقضاة في دار الفتوى.