بعد «انكسار الجرّة» بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية على خلفية ملفات عدّة، آخرها محاولة رئيس الحزب، سمير جعجع، استقطاب جمهور التيار والتوسّع مناطقياً على حسابه إثر قرار الرئيس سعد الحريري اعتكاف العمل السياسي والترشّح للانتخابات النيابية، ما حدا بـ«المستقبليين» إلى مهاجمته مراراً، برز اليوم موقف مهادن ولافت للتيار الأزرق على خلفية ادّعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على جعجع في أحداث الطيونة، إذ رأى فيه «إجراءات استنسابية انتقامية» و«خطوة تسيء إلى القضاء اللبناني كسلطة تُعنى بحماية مقتضيات السلم الأهلي لا بإثارة النعرات الطائفية»، وذلك «رغم الخلافات المعلنة والمعروفة مع حزب القوات ورئيسه».
وفي هذا السياق، حذرت هيئة الرئاسة في التيار، في بيان، من «الإمعان في هذه السياسات العشوائية من منطلق دفاعها عن الحق والعدالة وبعيداً من أية خلفيات تتعلق بالاستحقاق الانتخابي الذي أعلنّا بوضوح تعليق مشاركتنا فيه، رغم الخلافات المعلنة والمعروفة مع حزب القوات ورئيسه»، وتساءلت: «كيف يمكن للقضاء أن يكون عادلاً ونزيهاً ومتجرّداً، عندما يلجأ إلى اتخاذ إجراءات استنسابية انتقامية لمصلحة فريق سياسي، وغضّ النظر عن جرائم مالية وسياسية وأمنية، ولا يحرّك ساكناً تجاه أحكام مبرمة صدرت عن أعلى السلطات القضائية في العالم بحق مجرمين شاركوا بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقضايا مشابهة».

واعتبرت أنّ الأيام والساعات الماضية سجّلت «مجموعة من السقطات التي تقع في خانة توظيف بعض القضاة في تصفية الحسابات السياسية وغير السياسية، الأمر الذي ينذر بجعل لبنان ساحة مفتوحة على الانتقام العبثي والكيل بمكاييل العدالة الانتقائية التي تجرم من تشاء وتغفر لمن تشاء»، مستغربة «هذا النهج التخريبي الذي يتخذ من القضاء اداة لتدمير ما تبقى من مقومات النظام العام وهوية لبنان الاقتصادية وهي الاخطر على حياة اللبنانيين».

وقالت إنّه «من المحزن والمؤسف ما وصل إليه الشعب من مآس وويلات نتيجة ممارسات العهد، والمفجع أن تتكرّر أمام اللبنانيين يوميا مشهدية الانهيار والتحلّل السياسي والاقتصادي التي تعانيها البلاد، وأن يصل التحلل من كلّ القيم إلى حدود استخدام بعض الأذرع القضائية في انتهاك مفاهيم العدالة والمشاركة في حروب الاستنزاف المالي والمعيشي والإداري وتعريض السلم الأهلي والحريات العامة لأبشع التجارب».

ورأت أنّ «هناك من يريد القضاء مزرعة حزبية تعمل غبّ الطلب، وعلى مجلس القضاء الأعلى أن يحسم الأمر وأن يقول الأمر لي، وليس لقضاة الحزب الحاكم والغرف القضائية المكلفة إعداد الأحكام المسبقة».