(هيثم الموسوي)
يمكن التمييز بين ثلاث مقاربات للتعامل مع المخيمات واللاجئين:
● المقاربة الإنسانية/الإنسانوية: تغلّب هذه المقاربة الجانب الإنساني للجوء على جانبه القانوني والسياسي، حيث ترى لاجئي المخيمات مجموعة بشرية محرومة بحاجة إلى حماية إغاثية وليس حماية قانونية وسياسية يكفلها القانون الدولي للاجئين عادة، وفي مقدمتها حقهم في العودة إلى وطنهم الأصلي.
● المقاربة السياسية/الحقوقية: تعتبر هذه المقاربة أن جوهر مشكلة اللاجئين «سياسي/حقوقي» وتعدّهم أصحاب حقوق لا مجرد موضوع للإغاثة الإنسانية. وتربط ربطاً وثيقاً بين حق العودة وحقوق الإنسان الأساسية، وترى هذه الحقوق، بما فيها الحق في السكن اللائق، وسيلة لتخفيف معاناة اللاجئين وتمكينهم من العيش بكرامة في مجتمعات اللجوء إلى حين عودتهم.
● المقاربة الأمنية: تتجاهل هذه المقاربة البعد الحقوقيّ والسياسي للمخيم إذ ترى المخيمات بؤراً أمنيّة خارجة على القانون، تهدِّد أمن البلد المضيف واستقراره. وتتعامل معها بوصفها فضاءات استثناء، وليست فضاءات اجتماعيّة وثقافيّة سكّانها أصحاب حقوق وقضيّة وطنيّة. وفي لبنان كثيراً ما استخدمت هذه المقاربة سياسياً وإعلامياً لإثارة مخاوف اللبنانيين من هاجس التوطين.
نشير إلى أن القرار (302) الذي أنشئت بموجبه الأونروا عام 1949، ينص في ديباجته وفي البند (5) منه على ضرورة أن تستمر الأونروا في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين من دون المساس بأحكام الفقرة (11) من القرار رقم 194 المتعلق بحق العودة. وبهذا المعنى، تجسّد الأونروا المسؤولية الدولية عن خلق مشكلة اللاجئين، وضرورة حلّها وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، استناداً إلى مبادئ القانون الدولي. ولذلك فإن المخططات الهادفة إلى تجفيف موارد الأونروا وإنهاء دورها وتصفية وجود المخيمات، إنما تستهدف تصفية الوضع القانوني للجوء الفلسطيني، وصولاً إلى إلغاء القرار 194 الذي يتضمن ثلاثة حقوق متلازمة، لا يغني أحدها عن الآخر (العودة، والتعويض، واستعادة الممتلكات).
وهنا تكمن المفارقة، ففي الوقت الذي يرمز فيه وجود الأونروا والمخيمات إلى النكبة واستمرارها، يعتبر وجودها في حدّ ذاته ضرورة لتجسيد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
* باحث فلسطيني