تحوّل مبنى الأمانة العامة لـ«تيار المُستقبل»، في شارع «سبيرز» في بيروت إلى كتلة باطون وأضواء ومكاتب فارغة. لا «كبار» الموظفين حاضرون ولا «صغارهم». بالكاد يوجد موظفان أو ثلاثة في كل طابق من الطوابق الـ 11. إذ لم يعُد لأعضاء المكتب السياسي من عمل، ولا للكوادر الشابة العاملة في التيار القدرة على دفع أجرة المواصلات، فيما الرواتب متوقفة منذ أشهر. مُتغيرات كثيرة طرأت على مزاج التيار، بدءاً بالأزمة التي عصفت به منذ عام 2009، وصولاً إلى حاله اليوم. تراجعت الخدمات إلى حدّ وقفها نهائياً، إلى حدّ أن من يقصد مكتبه عليه أن يحمل «قهوته» معه.في مثل هذه الأيام الانتخابية، كانت هذه المكاتب تتحوّل إلى خليّة نحل «ينغل» فيها شباب منسقيات: الإعلام، التربية والتعليم، المهن الحرة، الشباب، المرأة، الاغتراب والنقابات العمالية. صحيح أن تراجع الحركة في المبنى عمرها من عمر أزمة الرئيس سعد الحريري، إلا أنها الآن أصبحت معدومة. هذا الواقع يلخّص نشاط المستقبليين. غياب نيابي يتبعه غياب حزبي، ثم غياب تنظيمي، ناتِج من توقّف عجلات الماكينة الانتخابية التي أطفأت محركاتها، وفقَ مصادر في التيار.
قبلَ أن يبدأ الرئيس الحريري بالتسريب لمُقرّبين منه أنه يدرس قرار الانسحاب من المشهد الانتخابي لعدم قدرته على خوض هذا الاستحقاق، انقسمت الماكينة الانتخابية في التيار إلى ماكينتَين: واحدة يديرها الأمين العام أحمد الحريري عبرَ فادي سعد المسؤول عن ملف الانتخابات، وأخرى مستقلّة يقودها رئيس «جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية» أحمد هاشمية. حاول «الأحمدان»، كل على حدة، استقطاب كوادر وعاملين وناشطين مستقبليين واستمالة مرشحين، قبلَ أن يطلب الحريري منهما التنسيق معاً بسبب انكشاف خلافاتهما إلى العلن. لكن الأمر لم يدُم. تراجع نشاط هاشمية بنسبة كبيرة توحي بأن لا انتخابات وهو منكفئ حالياً، أما أحمد الحريري فيقضي «إجازته» في الولايات المتحدة، متنقلاً بينَ حفلات غداء وعشاء يقيمها مستقبليّون على شرفه.
حديث عن إدارة السنيورة للملف الانتخابي


بدأ هذا التراخي، بحسب المصادر، بعدَ تلمّس جدّية قرار الحريري، فيما انسحب عدم الإعلان القرار رسمياً إرباكاً داخل الهيكل التنظيمي. فالحريري لم يُبلّغ بشكل علني بأنه عازف عن الترشّح، وفي الوقت ذاته لم يوعِز لأحد بمباشرة العمل الانتخابي.
في موازاة الفوضى المستقبلية، بدأ التداول في أسماء مرشحين قيلَ إنهم قد يكونون على لائحة واحدة يدعمها سعد الحريري، من بينهم الوزير السابق محمد شقير. كما عُقِدت اجتماعات عدة للغاية نفسها ضمّت رئيس نادي الأنصار نبيل بدر والعقيد المتقاعد محمود الجمل، بتنسيق من منسق العلاقات العامة في التيار المحامي محمد يموت (علماً بأنه حصل خلاف على ترؤس اللائحة). وتُفيد المعطيات الانتخابية بأن بدر قد يخوض الانتخابات كرئيس لائحة تضم الجمل وشخصيات بيروتية والجماعة الإسلامية، والمحامي ميشال فلاح المدعوم من المطران إلياس عودة (بدلاً من النائب نزيه نجم الذي حسم أمره بعدم الترشح)، فيما لا تزال النائبة رولا الطبش تدرس خيار الترشح من عدمه، علماً بأنها اليوم الأقرب الى الحريري من باقي نواب التيار.
وفيما ينتظر نواب كتلة المستقبل في بيروت، وفي المناطق، ما سيعلِنه الحريري من قرارات أمامهم ليبنوا عليها، فيعزفون هم أيضاً عن خوض المعركة الانتخابية أو يصيغون تحالفات مع آخرين، يجري التداول بمعلومات عن أن الحريري في حال كانَ ينوي دعم لوائح أو مرشحين مُعيّنين أو خوض الانتخابات بلوائح مستقبلية من دون الترشّح شخصياً، فإنه قد يُولي إدارة العملية الانتخابية إلى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة.