تمخّض جبل محمد الحوت، فولد فأراً. هذا التوصيف ينطبق فعلاً على القرار الذي صدر أمس عن إدارة «شركة طيران الشرق الأوسط»، وقضى بزيادة 30 في المئة على رواتب الموظفين الأرضيين والجويين (المضيفين والطيارين)، إضاقة إلى زيادة 16 ألف ليرة لبنانيّة على قيمة بدل النقل لتصبح 24 ألف ليرة لبنانيّة.وجاء هذا القرار بعد سلسلة من الاجتماعات مع الإدارة لنقل استياء الموظفين من انخفاض قيمة رواتبهم خلال الأزمة الاقتصادية، فيما الشركة تتقاضى ومنذ أواخر أيار ثمن التذاكر بالدولار النقدي (الطازج).
وعليه، انتظر الموظفون طويلاً كي تتحقّق وعود الإدارة. ولكنهم صُدموا لكوْن المبلغ المضاف لا يزيد على 25 دولاراً لدى الكثير من العاملين الجدد الذي يتقاضون أجراً يقلّ عن مليون و500 ألف ليرة لبنانيّة.
والأنكى من ذلك، أنّ هذه «الزوْدة» سيتقاضاها العاملون في الشركة ابتداء من الشهر المقبل ولن تدخل في أساس الراتب. وإنّما وجدت الإدارة طريقةً ملتويةً تعفي فيها نفسها من الالتزام بها شهرياً أمام الموظفين أو زيادتها على التعويض التقاعدي، كوْن الزيادة على الراتب يعني دفع زيادة ضريبة للدولة ويُصرّح بها لمؤسسة الضمان الاجتماعي. ولذلك تهرّبت الإدارة من هذه الزيادة بتسميتها «نفقات مستردّة» (refunded expenses)، والتي تُدفع عادةً للموظفين إذا ما تكبّدوا التكاليف من جيوبهم لصالح الشركة التي يعملون بها، كأن تدفع عن العامل بدل نقل وفندق في حال تم تكليفه بالسفر إلى الخارج في مهمّة رسميّة. وبرّرت الإدارة الأمر أنّها تدفع نفقات مستردة «بسبب التكاليف المتعلقة بمجيء الموظف إلى عمله والمشقّات التي تؤدي إلى مصاريف إضافيّة...».
الشركة تتقاضى منذ أواخر أيار ثمن التذاكر بالدولار النقدي (الطازج)


هكذا إذاً، أوجدت الإدارة «تخريجة» لامتصاص غضب الموظفين، ولكنّها لم تفلح في ذلك. إذ إنّ النقمة ازدادت لأنّ الـ30 في المئة غير كافية برأي الكثير من الموظفين ولأنّ الشركة لم تُقدّمها لجميع العاملين، بل اشترطت حضور الموظف إلى عمله بدوامٍ كامل لا يقلّ عن 80 في المئة من أيّام أو ساعات العمل من دون احتساب الإجازة السنويّة. وهذا يعني حرمان بعض الموظفين القاطنين خارج بيروت والذين لم يتمكّنوا من الحضور إلى مقر الشركة في الأيّام الماضية بسبب أزمة انقطاع البنزين.
ويشير بعض الموظفين إلى أن الشرط الذي وضعته الإدارة هدفه الحؤول دون تمكّنهم من القيام بإضرابٍ ناجح، على اعتبار أن بعضهم سيخشى الالتزام بالإضراب لعدم حرمانه من المبلغ الإضافي. ومع ذلك، يشير عدد منهم إلى أنّهم سيقومون بالتنسيق بين بعضهم البعض من أجل تنفيذ هذا الإضراب.
واستبقت الإدارة إمكانيّة حصول هذه الخطوة التصعيديّة بتقديم الوعود إلى الموظفين بأن قرار الترقيات وزيادة الرواتب بات قريباً، لافتةً إلى أن الأجور سترتفع من 40 إلى 70 في المئة.