اسمه غسان منيف عويدات. أصبح اليوم النائب العام لدى محكمة التمييز، أي المدّعي العام للجمهورية. دلالة اسمه الثلاثي ليست شكليّة: منيف عويدات، الوالد الذي رحل قبل عشر سنوات، كان في الموقع نفسه الذي عَيّن فيه مجلس الوزراء ابنه أمس. قبل أربع سنوات، كتبت إعلاميّة «قواتيّة» قحّ عن عويدات الأب، موجهة تحياتها للقدر الذي جعله يموت في يوم الذكرى السنويّة لتفجير كنيسة سيّدة النجاة. لم تنسَ الكاتبة لعويدات الأب أنّه كان من أمر بتوقيف سمير جعجع وطلب له الإعدام. أشياء كثيرة تغيّرت خلال السنوات الأربع عشرة الأخيرة. في «بلاد العائلات العميقة» يصعب أن يضمن أحد أن القدر في صفّه دائماً. القدر في بلادنا، مثل الدنيا، دولاب.إلى عويدات، عيّن مجلس الوزراء أمس أيضاً القاضي سهيل عبّود رئيساً أول لمحكمة التمييز ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى، الموقع الذي كان يشغله القاضي جان فهد. هذه خطوة فيها شيء «تاريخي» أيضاً. ليس أمراً مستساغاً، ولا معتاداً، أن «يُخلع» رئيس لمجلس القضاء قبل سنوات من إحالته على التقاعد. جرى ذلك بسلاسة، من دون أي اعتراض يُذكر.
كذلك عيّن القاضي فادي الياس رئيساً لمجلس شورى الدولة. في ذلك استمرار لمنهج الساسة في «استيراد» قاضٍ عدلي ليرأس المحكمة الإدارية التي تنظر خاصة في الدعاوى المقامة ضدّ قرارات الدولة، أي ضد قرارات الساسة أنفسهم.
أيضاً جرى تعيين القاضية رولا جدايل مديرة عامة لوزارة العدل، كما تم تعيين القاضية جويل فواز رئيسة لهيئة التشريع والاستشارات. أما في ديوان المحاسبة، فعُيّن القاضي محمد بدران رئيساً للديوان، فيما عيّن كلّ من القضاة: جمال محمود، خالد عكاري، انعام بستاني، نيللي أبي يونس، بسام وهبه، مروان عبود، عبد الرضى ناصر وزينب حمود رؤساء غرف في ديوان المحاسبة. أخيراً، وفي تعيين كان بعيداً عن السجالات السياسيّة، جرى تعيين القاضية ريتا غنطوس رئيسة للهيئة العليا للتأديب، الموقع الذي كان يشغله القاضي مروان عبود ونُقل بناءً على طلبه إلى ديوان المحاسبة.
ليس أمراً معتاداً أن «يُخلع» رئيس لمجلس القضاء قبل سنوات من إحالته على التقاعد


جلسة مجلس الوزراء التي انتهت بإقرار التعيينات القضائية شهدت اعتراضات من قبل وزراء القوات اللبنانية على تعيين قضاة في ديوان المحاسبة من خارج الملاك. هذا البند الذي كان من المفترض أن يكون أساسياً في الجلسة، طُرح في آخرها، بعدما عرض رئيس الحكومة سعد الحريري كل الأسماء. فتدخل الوزير كميل بو سليمان مطالباً بالتصويت عليها اسماً اسماً، فسأل الحريري عن ملاحظات القوات، قائلاً «لا يوجد في ملاك الديوان قاض من الطائفة السنية، فَشُو بعمل»؟ أجاب وزير العمل إن «هناك اعتراضاً على القاضي مروان عبود، لأنه من خارج الملاك والأولوية هي للقضاة الحاليين»، فيما أوضح وزير الخارجية جبران باسيل أن «القاضي عبود كان في ملاك الديوان، وخرج منه ثم عاد إليه».