بعد تخرّجها من قسم الفنون التشكيليّة في الجامعة اللبنانيّة بدرجة الماجستير، خاضت الفنّانة روان شومان تجربة التعليم الفنّي في إحدى المدارس اللبنانيّة، لتكتشف أنّ المنهاج التعليمي يتعامل مع حصّة الفنون على أنّها ساعة لتمضية الوقت في صناعة الأشغال اليدويّة التي لا تُكسب التلميذ أيّ مهارات جديدة يستطيع توظيفها في المستقبل. هنا تخلّت شومان عن وظيفتها، واستأجرت شقّة في منطقة فرن الشبّاك، وباشرت في تجهيزها لتصبح مكاناً مريحاً لتعلم الفن بأسلوب أكاديمي.تطلق على شقتها التي أصبحت استديو كبيراً لتعليم الفن، اسم Art Space، وتستند إلى كلّ ما تعلمته في كليّة الفنون لتقدم ورش عمل فنيّة تتبع المعايير الأكاديميّة. تبتعد عن الأسلوب التجاري الذي أصبحت تتبعه معظم المساحات التي تعلم الفنون، وتهتم أكثر بالمهارات التي يكتسبها التلميذ أثناء حضوره الورش.
تمتد كل ورشة عمل تقدمها شومان على مدى شهرين، وتستضيف محبّي تعلم الفنون من الأعمار والمجالات كافةً. تقيم ورشة لتعلّم استخدام الألوان على أنواعها، وتحرص على أن يتعلّم الحاضرون التلوين على طريقة المدرسة الانطباعيّة (Impressionism)، كما تؤكد أنّ صفوف هذه الورشة هي صباحيّة، حين يكون ضوء الشمس في أوجّه، فيتمكن التلامذة من التفاعل معه عبر الألوان.
أمّا في الورشة المتخصصة بتعليم مهارات الرسم، فتهتم شومان بالنقل المباشر للأجسام التي يراها التلامذة أمامهم، فهي لا تؤمن بالرسم نقلاً عن الصورة، بل ترى أنّه يجب على محب تعلم الرسم تعزيز العلاقة بين ما تراه عينه في الواقع وما تنقله يده على الورق. هكذا، تبدأ مع المتعلمين برسم الطبيعة الصامتة لتنتقل إلى تعليمهم قواعد رسم المنظور ثمّ رسم الوجوه والأجسام.
لا تقتصر حصص التلوين والرسم على العمل داخل المحترف، بل تخرج مع التلامذة إلى شوارع وحدائق المدينة، بغية تعليمهم نقل المناظر الطبيعية والمعماريّة. وتنظّم شومان ورش عمل أُخرى، يتولاها خريجون آخرون من الجامعة اللبنانيّة. تتضمن هذه الورش النحت الذي يتولّى تعليمه الفنّان علي حدرج. وتستعدّ الصالة قريباً لإقامة دورة لتعليم أسس تصميم كتب الأطفال المصوّرة، تحت إشراف المصمّمة فاطمة حسان. كما تخطّط للانفتاح على عوالم فنيّة أُخرى، لتدعو مصممة الوشوم رنا ملاح إلى تقديم دورات لتعليم رسم الوشوم والتعاطي مع الوشم كفنّ راق غير تجاري. وتُحضّر لاستقبال المسرحي علي السمرا في شهر آب (أغسطس)، ليقدم ورشة عمل متخصّصة في التعبير المسرحي.
بالمناقشة مع الفنانة شومان عن اتباعها نظاماً أكاديمياً بحتاً في تعليم الفنون، وابتعادها عن الصفوف التجاريّة التي قد تجذب الكثير من الزوّار، تعلّق: «نصحني كثيرون بتقديم حصص فرديّة تُعنى بترفيه الزوّار أكثر من تعليمهم، لأنّها مربحة، لكنني تمسّكت بهدفي الأساسي في تعليم الفن وإيصاله بمعاييره الصحيحة. ورغم أنّ الحصص أشبه بساعات التعليم الجامعيّة، إلّا أنّ علاقة انتماء ولدت بين الطلّاب وهذا المكان بسبب أحاديثنا الممتعة التي نتشاركها أثناء العمل، فضلاً عن أنّهم يلتقون أناساً مثلهم مهتمّين ومحبّين للفنون. وغالبية التلامذة يعيدون التسجيل في ورش عمل جديدة فور انتهائهم من الأولى».
أمّا بالحديث عن رؤيتها المستقبلية لـ Art Space، فتجيب بأنّها تؤمن برسالة نشر الفنون خارج العاصمة، ولذلك تسعى حالياً إلى افتتاح فرع للمحترف في منطقة صور الجنوبيّة. تعلّق قائلة: «تفتقر منطقة الجنوب إلى معاهد لتعليم الفنون. أكثر ما أتمناه هو خلق مساحة فنيّة في منطقة جنوبيّة. الفنّ يغيّر ثقافة المناطق، وطريقة رؤيتها لما يحيط بها».

* Art Space: فرن الشباك (شارع رزق الله سمعان). للاستعلام: 70/754360