على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أضحكُ عندما أرى عرباً يتحدّثون بإعجاب عن إعلام الغرب. أضحكُ أكثر عندما أقرأ مراثيَ عن صحافيّة المشاهير، بربارة والترز. البعض، مثل سمير عطالله (الذي يُكرِّس خدماته في ذمّ جمال عبد الناصر وكل نظام أساءَ يوماً إلى أنظمة الخليج ولو قبل خمسين سنة) لا يزال يتحدّث عن مجلّة «تايم» في عصر اندثار المجلّات (وحدها الـ«إيكونوميست» صامدة، كما مجلّة «المجلّة» التي لا يقرأها إلا كتّابُها). تغطية الصحافة الغربيّة للحرب في أوكرانيا تكفي كي نزيل الفوارق الوهميّة بين إعلامنا الرثّ وإعلام الغرب الذي يتعامل معه البعض بتبجيل وإعجاب. لا أبالغ عندما أقول إنّ إعلام الغرب هو إعلام أنظمة، مثل إعلام السعودية وسوريا والإمارات. هو إعلام حكومة ليس بالضرورة بالصورة نفسها التي يعمل بها إعلام الأنظمة عندنا. هو إعلام ناطق باسم أجهزة الاستخبارات والقيادات العسكريّة والحزب الديموقراطي بصورة مفضوحة. تغطية الحرب في باخموت مثال: في بداية الحرب، عندما كانت القوّات الروسيّة تتقدّم ببطء شديد وتتعامل مع مقاومة أوكرانيّة صلبة، كان إعلام الغرب يصف المدينة بأنّها «استراتيجية للغاية» (تستطيعون العثور على الأسانيد لما أقول عبر التفتيش في أرشيف «نيويورك تايمز»). في الأشهر الماضية عندما تبيّن أن الروس سيسيطرون لا محالة على باخموت، قرّرَ كل إعلام الغرب تغيير وصف المدينة من «استراتيجيّة» إلى «ذات أهمية استراتيجية ضئيلة» أو «العديمة الاستراتيجيّة»، إلخ، أو أنّ الصحف تبحث عن تبريرات للسيطرة الروسية فتقول إنّ المدينة لا قيمة لها لأنّها مهدّمة. وبرلين وكلّ ألمانيا لم تكن مهدّمة عندما كان الجيش الأميركي يسعى للوصول إليها قبل الجيش الأحمر؟ أكاذيب وأضاليل وحروب نفسيّة باتت مزعجة في ابتذالها وافتضاح أمرها. لكن قبل أسبوع، تقدّمَت القوّات الأوكرانيّة في حيّ واحد. فجأة، عادت الأهميّة الاستراتيجيّة إلى باخموت. وفي يوم سقوط المدينة بيد الروس، نشرت «نيويورك تايمز» مقالة طويلة عن أساليب التقدّم الأوكرانيّة وكيف أنّ الروس حُرموا من النصر. نزلت المقالة على الموقع بعدما كانت المدينة قد سقطت. فجأة زالت الأهمية الاستراتيجيّة والعناوين تحدّثت عن «أنباء متضاربة» من المدينة.

0 تعليق

التعليقات