على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

قبل أربعة أشهر، أعدمت الحكومة الإيرانيّة علي رضا أكبري الذي كان يعمل قائداً في الحرس الثوري الإيراني ونائباً لوزير الدفاع، ومقرّباً من علي شمخاني. الحكومة الإيرانيّة اتهمت أكبري بالتجسّس لبريطانيا وبثّت اعترافات (بدت مقنعة) له. الاعترافات كانت صريحة إلى درجة أنّ وسائل الإعلام الغربيّة نشرت أقوالاً لأفراد في عائلته يقولون فيها إنّه تعرّض للتنويم المغناطيسي أو التعذيب أو الكهربة أو شرب السوائل الخبيثة من أجل الإدلاء بها. طبعاً، وسائل الإعلام الغربيّة أصرّت على براءته، وسارت معها وسائل الإعلام العربيّة، التقليديّة التابعة للأنظمة والجديدة «البديلة» التابعة لسوروس وحلف شمال الأطلسي. لكن هذه القضيّة مهمة لأنّها تلقي الضوء على جانب في الدعاية الغربيّة منذ الحرب الباردة: أميركا ودول الغرب، ومعها إسرائيل، تنفي صفة الجاسوسيّة عن أيّ متهم بالتجسّس لمصلحتها في أي دولة معادية لها. بمعنى آخر، تريدنا دول الغرب أن نصدّق أنّه ليس لها جواسيس في أيّ من الدول المعادية لها. أي أنّ المليارات التي تُنفق على التجسّس في تلك الدول تذهب من أجل دعم التجسّس في الدول الصديقة فقط. وكل مَن يُتّهم بالتجسّس لإسرائيل ودول الغرب من قبل أي منظمة أو حكومة عربيّة أو إيرانية يصبح ليس بريئاً فقط، بل مواطناً صالحاً ووطنياً يعمل لمصلحة بلده. إنّ ذروة الوطنيّة العربيّة والإيرانيّة، بنظر الغرب وإسرائيل، تكمن في التجسّس لمصلحة دول الغرب وإسرائيل. كل من يُعدم في غزة لثبوت تجسّسه لمصلحة إسرائيل يصبح شهيداً لمنظمات حقوق الإنسان وحكومات الغرب. وعندما أُعدم أكبري، لاحظتُ في سيرته أنّه انتقل بعد عمله في الحرس الثوري ووزارة الدفاع إلى بريطانيا حيث نال جنسيّتها بسرعة مذهلة. وعلّقتُ في حينه أنّ هذا مُستغرب جداً. لكن الإعلام الغربي أصرّ على أنه مواطن إيراني وطني صالح. لكن جريدة «نيويورك تايمز» كشفت قبل أيام أنّ الرجل كان ضالعاً في التجسّس على مدى سنوات، وكانت إخبارياته تصل إلى لندن وتل أبيب، وأنّ ما قدّمه ساهم في اغتيال علماء إيرانيّين فقط لأنّ أكبري وشى بهم.

0 تعليق

التعليقات