على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أين زياد الرحباني؟ البعض يسألني على افتراض أنني أعرف مع أنني لم ألتقِ به في حياتي. زياد غائب مع أنّه حاضر بوفرة من خلال الاستشهادات الكثيرة به وبمسرحياته ومقابلاته. والمشكلة في غياب زياد أنّ مقلّديه «ثقال الدم» غالباً، يتحفوننا بنكاتهم مفترضين أنّنا سنجدهم بظرف زياد. زياد غائب، وفي آخر إطلالاته بدا حزيناً ومكسوراً ــــ شخصيّاً وسياسيّاً. وهو عاتب ـــــ مثلنا ومثل كثيرين من مؤيّدي المقاومة ـــــ على حزب الله بسبب أدائه السياسي. البعض كان يتوقّع من زياد أن يهبّ لمناصرة ثورة بولا يعقوبيان وميشال معوّض وسامي الجميّل و«سردة» وكل أتباع النظام الإماراتي في المجتمع المدني والمنظّمات الشبابيّة. البعض توقّع منه أن ينزل إلى الساحات ويمارس الفعل الثوري الذي كرّسه هؤلاء: أي إطلاق شتيمة سوقيّة بذيئة ضد والدة جبران باسيل. آخر خبر سمعناه أنّ زياد حضر لقاء ماكرون مع فيروز وهو ما لم يكن صحيحا (مهضوم ماكرون عندما ظنّ أنّ لبنان سيلتزم بمهل صارمة كان يعطينا إيّاها، ومرّت مهلة أولى وثانية وثالثة لكنّني امتناناً منّي للاستعمار الفرنسي أعلنتُ من قبل التزامي الصارم بمهله). ثمّ نشرت ريما الرحباني صوراً لزياد ويبدو فيها بصحّة جيّدة. لكن ماذا عسى زياد أن يقول؟ الوضع جدّ مقرف. الكتابة والكلام باتا مجترّان (وأنا أجترُّ لكم بصورة يوميّة هنا وعلى المواقع). ماذا عسانا نضيف خصوصاً أنّه ليس هناك من حزب أو منظّمة تعاملت مع الانهيار بما يستحق من الثورة والغضب والثأر والحزم (هذا من دون إنكار فضل الكتلة الوطنيّة وصحبها)؟ ماذا عسى زياد أن يفعل؟ هل يمكن أن يضيف إلى المخزون الغنائي لـ «الثورة»؟ ماذا يضيف؟ شتائم ذكوريّة إضافيّة في الصياح العام؟ زياد كان أكثر حكمةً منا في غيابه، وكان غيابه أصدحَ من كلامنا ولو كان في موقع سياسي متغيّر ـــــ لو تغيّر. تأثير زياد على الثقافة السياسيّة والشعبيّة أكبر من تأثير كتاب التربية، لكن هناك مَن يستشهد به بسوء وخارج السياق. لو كنّا نحبّه لما طالبناه بالظهور.

0 تعليق

التعليقات