ترجمة: مهدي النفري
1. الشّعر المبهم دائماً أفضل من الشّعر السهل: أطالب بشِعر غريب لا يقاوم. الشِّعر الذي يريد أن يتألق ويتجدّد. الشِّعر الذي يتم فيه تقسيم اللغة نفسها، كلمة بكلمة. لغة تهشم وتناقض نفسها، كسيمفونية مبتكرة لم يُسمع بها من قبلُ، بأشكال جديدة غير متخيّلة. أريد إعادة اختراع اللّغة لكلّ قصيدة. أريد أن يتعلّم القارئ القراءة مرة أخرى لكلّ قصيدة. حيث هناك ما يكفي من اللّغة المستعملة.


2. وفتحت السّماوات كحافر مشقوق، بعيداً شُوهد شخص يتدحرج ويسقط من خلال سحابة من السماء على أرض البشر. وكان الشكل محجوباً بجناحه، لأن جناحيه خافقان قام باستبدال موطنه ولكن ليس وجهة نظره. كان رائياً، رأى ما يؤلم الناس وكيف يحبّون ويموتون. وكان المراقب الذي يحجب ويرى اللّعب، وكان صَادِقاً مثل الثّعبان على أرجل متشعّبة ولسان زاحف مزدوج جيّد مع النّاس. فصارت دماؤهم له دماً ولم يكن مثلهم وصار مثلهم حَيَوِيّاً ولا غنى عنه. فخلع ثيابه وفضح نفسه وأخذ ينهق بلغة الملائكة.
3. عليك أن تدع المنطق السّحريّ يقود اللّغة والصّوت والإيقاع وهي تنجرف بعيداً عن ضجّة الصور والعواطف. يجب أن تتوقّف عن القلق بشأن حلّ التّشفير. القصيدة لغة وصورة وموسيقى. لا يوجد معنى يخفيه الشّاعر بطريقته السّاديّة خارج القصيدة. قراءة القصائد هي طريقة أخرى في التّفكير. عليك فكُّ رموز رأسك التحليلي الذي يريد أن يفهم ما يجري.
4. ليس الأمر أن الشّعراء الشديدي المراس يجعلون الأمور صعبة لأنهم يجدونها ممتعة أو لأنهم يعتقدون أنها يجب أن تكون كذلك، أو لأنهم يريدون تعذيب القارئ. تكتب القصائد المعقّدة لأن الواقع معقّد. يعتقد الناس (مئة ونصف) كاملة من الأفكار والمشاعر والمخاوف والنكات والعجائب والذّكريات في الوقت نفسه. لا أريد تقليل هذا التعقيد من خلال إبراز جانب واحد ومعالجته بشكل منفصل. أريد أن أسجل سيمفونية الارتباك الكاملة في رأسك.
5. يصبح الشّعر مثيراً فقط عندما تُخضع اللّغة نفسها للتجربة، وعندما تثني اللغة نفسها، تهشم وتعيد بناءها بطريقة جديدة. لكن هذه مجرد ميزة على حساب الوضوح. الكلمات العامية العادية كافية بالفعل. الكتابة الجيّدة أمر خطير.

* إيليا ليونارد فايفر (1968) عُرِفَ عن هذا الشّاعر والرّوائي الألماني أنه كاتب ذو مفردات غريبة، حصد الكثير من الجوائز عن رواياته، وهو يقيم منذ سنوات في إيطاليا. من أشهر أعماله: «باسم الكلب»، و«حياة حقيقية» و«الرّجل من طرق شتى».