قطع الموت إجازة كايت ميليت (1934 ــ 2017) في باريس، حيث كانت تقضيها برفقة زوجتها قبل أيام. موت يبدو خلاصة صائبة للحياة الرافضة التي جعلت من الفنانة والكاتبة الأميركية صوتاً أساسياً في حركة التحرر النسوية، ووجهها الأكاديمي. في أميركا الستينيات، كانت قد خرجت كتابات بيتي فريدان، وغلوريا ستاينم وغيرهما لتقطع صفو الحيوات الزوجية الروتينية، وتعكّر الطمأنينة التي تمنحها ماكينات الخياطة للنساء.
في تلك الفترة، كانت كايت ميليت، مشغولة بالعمل النحتي وتجهيزاتها الفنية التي كرّستها لثيمات القمع والهيمنة والمؤسسات الذكورية والجندرية. انخرطت ميليت في الموجة النسوية الثانية بداية السبعينيات، ببطاقة راسخة وغاضبة هي «سياسات جنسية»، عنوان كتابها الأكثر شهرة. جاء مؤلفها الراديكالي، مصقولاً بمرجعيات أدبية وثقافية جعلت منه دراسة منهجية رائدة في النقد الأدبي النسوي، استطاعت طمر النقص الفلسفي الذي كانت لا تزال تفتقر إليه الحركة النسوية حينها. نبشت ميليت تجسيدات الفعل الجنسي في الأدب لدى بعض الكتاب الذكور مثل هنري ميلر ونورمان مايلر، ود.ه لورانس التي تنضح بالاستعباد للمرأة. الظروف التي تحكم مشاركة المرأة في الممارسة الجنسية، شكّلت إحدى أهم إشكاليات الكتاب بوصفها أداة أساسية بيد السلطة الأبوية في الأدب. منح الكتاب ميليت لقب «ماو تسي تونغ الحركة النسوية»، إلا أن الخجل والميل إلى التخفي، بقيا يرافقانها حتى آخر حياتها. كتابها «طيران» (1974) كشف عن شهرتها المفاجئة بالتزامن مع صدور «سياسات جنسية». كذلك، وظفت تجاربها الشخصية الأخرى سياسياً، حيث تناولت ميولها الجنسية في «سيتا» (1977)، ومآزقها النفسية في The Loony Bin Trip عام 1990، وصارت علاقتها بأمها موضوعاً لكتاب Mother Millet عام 2001.