الثامنة من مساء الاثنين،أجلس في ركن مقهى
في ظلامه مثل ناموسةٍ ظريفة
وأشرب قهوة بمذاق مجاري الصّرف الصحّي
حرارة جسمي مرتفعة
بسبب الجوّ أم بسب مذاق القهوة؟ أم بسب الظلام؟

استأذنتُ النّادل ورسمت مسبحاً في الطاولة
تجرّدت من ملابسي، ملابس الوجاهة الاجتماعية،
وقفزت في الماء البارد مثل ضفدعة
أنا الآن في جوف المسبح أبحث عن درهمٍ
ولا أفكرّ في العودة إلى المقهى
لقد صرتُ مسلماً أكثر ممّا كنتُ
وملكاً مهيباً عندما أغطسُ وأطلّ برأسي المبلّل
لأغيض أيام القحط القديمة
ملكاً دون أن أفكّر في غزو بلدة مجاورةٍ
أو شحد عبيدٍ بجلاليبَ بيضٍ
يكسّرون قامتهم على حافة المسبح بين غطسةٍ وإطلالة
ودون أن أتنازل عن عرشي الذي هو الماء
أشعر أنّني جيّد هنا
بلا شلّةٍ ولا خصوم أقضم تفاحة البرودة وأختفي
تاركاً نصفها الطازج في فم صديقتي
التي اختفت هي الأخرى في حفرةٍ منذ أعوام
وتركتني ألهج بمحاسنها كأيّ شاعرٍ عذري
وأحمل رأساً كأنّه ساحة حربٍ
وتركتُ لكم هذه المرّة ملابسي مبعثرة عند أقدام الطاولة
مثل أمعاء وسادة،
صندلي للاستعمال العمومي إن شئتم
قميصي بساطاً أحمرَ لسيّاح محليّين وبدوٍ مظلومين
ويصلح سروالي القصير لسدّ الفتحات على فئرانٍ نشيطة
والإبقاء عليها بعيدةً عن الشأن العام
خذوا هديّة زبونٍ تصاعدت أنفاسه وهبطت في هذه الزاوية
كأسعار البورصة
وشربَ فناجي قهوة بعدد قتلى سوريا والعراق
وتفوّه بمنكبه قرب هذه النافذة
وخرج هارباً من الأخرى
وربّما تأخرّ في دورة المياه ومات واقفاً خلف بابها
دون أن تظهر جنازة في شارعٍ أو يطلع بلاغ نعيٍ في جريدة
خذوا هديّتي الأخيرة
ولا تتخاصموا على ميراثٍ قليل
ولستُ معنياً بالنهايات ولا حريصاً على ما كان.
* شاعر مغربي