حين أفقتَ دون اكتراثٍ لثلث النهار الذي مرّدون منبّهٍ أو موعد
أفقتَ من كثرة ما تفسّخ النوم في نَفَسِكَ الرّتيب
ورأيتَ كلّ شيءٍ في مكانه
مكانه تماماً
كما تركتَه في الليلة السابقة

كما تتركه في كلّ ليلة
فرشاة الأسنان والمعجون
الكتب والمنفضة
سلّة الغسيل
دفتر الملاحظات الصغير
النّظّارة وخاتم الزواج
السّتائر المُسدلة
عتم الشبابيك
الأبواب المقفلة من الداخل، وساعة الحائط التي لا تعمل

■ ■ ■


حين قلتَ «صباح الخير» لركوة القهوة
وطرقتها بملعقةٍ لترُدَّ التحيّة، كنتَ وحدك
وحين فاجأك كتابٌ حين وقع عن الطّاولة
كنتَ وحدك أيضاً

-هي أشياءٌ تحدث عادةً -
كأن يُفتح بابٌ أو يُغلق دون أن تعرفَ من دخل أو ماذا خرج
أو أن تُهمل القهوة على الفرن حتى تعتقد أنّ لونه هكذا
أبيضٌ ببقعٍ سوداء
وتظنّ أنّ رسّاماً صمّمه فيُعجبك.

■ ■ ■


تخرج من البيت
تنسى المفتاح في الباب من الخارج
وحين تذكره
تُفكِّر أنّها خدعةٌ جيّدة:
لن يتذرّعوا بأنّهم أتَوا ولم أكن
وبعد مرور ثلاث ساعاتٍ تسحب المفتاح وتعيده إلى جيبك:
- كان بارداً ووحيداً وينتظر قدومي، فأتيت -
تلتفتُ إلى الخلف فجأةً، كأنّ هناك من أتى

لم يكن أحداً
الباب أغلقه الهواء هذه المرّة
- أشياءٌ تحدث عادةً -

■ ■ ■


وحين فاجأكَ الماء الساخن في الحمّام فخرجتَ عارياً وأنتَ تغطّي - بحركةٍ بديهيّةٍ - أعضاءك،
وحيداً كنتَ
وعندما تذكرتَ أنّك وحيد أسبلت يديك وثقبت الجدار بالشّرود
وحيداً كنتَ حين مشيتَ لأكثر من ثلاث ساعاتٍ دون أن تعرف إلى أين
ثمّ عُدتَ لترى كلّ شيءٍ في مكانه

مكانه
تماماً.

* شاعر سوري