سجّل شعير افتتاحيّة صادمة في مقدمة المجلة التي تصدر عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب»، أكد فيها أنّ «عالم الكتاب» لن تحمل رسالة ولن تمارس أي وصاية على قارئها حيث الرسائل تعني الحكمة والوصاية واكتمال المعرفة «ونحن لا ندعيّ الحكمة، لا نملك يقين الإجابات وإنما عذاب الأسئلة». على هذا، تبدو المجلة محاولة لتقديم معرفة أوليّة ناقصة، رؤية أو رؤى مختلفة للكتاب المعروض ليستكمل القارئ هو رحلة بحثه عن الأفكار الأخرى التي ربما ستكون متاحة له في الطريق. مع ذلك، يمكن القول بحمل المجلة رسالةً ما بعيداً من الكليشيهات الجاهزة «لكنها رسالة في زجاجة» يمكن لمسها في مضمون المحتوى الذي ضمّه العدد محتوياً على ملّف عن إدوارد سعيد «في هوياته المتعددة التي جعلته خارجاً عن المكان دائماً».
افتُتح هذا المحور بترجمة جزء من سيرة نجلاء إدوارد سعيد «البحث عن فلسطين» التي حاولت الإجابة عن سؤال: كيف يمكن لشخص أن يكبر في بيت مفكر بارز؟ كما حمل الملف شهادة للأكاديمي والكاتب اللبناني فوّاز طرابلسي يسرد فيها محاولته «أن يحكي ادوارد عبر الترجمة بالعربية». تخصّ هذه الشهادة تجربته في ترجمة ثلاثة أعمال لصاحب «الاستشراق» هي: «خارج المكان» و»الأنسنة والنقد الديمقراطي»، وأخيراً «عن الأسلوب المتأخر». بدوره، تكفل المترجم السوري ثائر ديب الذي نقل إلى العربية كتاب «تأملات في المنفى» لسعيد، بتقديم رؤيته في ترجمات آخرين غيره للكاتب نفسه وحجم الإشكاليات التي حصلت خلال عملية النقل. في المقابل، حكى المترجم المصري إبراهيم فتحي تجربته في ترجمة كتاب «البدايات» لسعيد وهو أحد الكتب التي لم تُنقل بعد إلى العربية، سارداً الأسباب التي أدّت إلى عدم خروج تلك الترجمة إلى النور.
تولى الفنّان المصري أحمد اللبّاد مهمة الإخراج الفني
وجاء في «عالم الكتاب» نص حوار أجراه الكاتب الفرنسي جان بيار كوفل مع الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو. هو واحد من حوارات سوف تصدر قريباً في كتاب يحمل عنوان «مسار» عن «دار توبقال» المغربية حيث جمع كيليطو حواراته المتناثرة على فترات متباعدة في محاولة لتأمل مسارات حياته ومعلميه الكبار والكتابة بوصفها سحراً. كل هذا بعدما كان يعتقد بعدم جدوى انشغال الكاتب بإجراء حوارات تخص شغله، واقتناعه بضرورة أن يترك هذه المهمّة لأعماله نفسها كي تقوم بدور الناطق الرسمي باسمه.
إلى هذا، حملت المجلة التي تولى تنفيذها وإخراجها الفنّان المصري أحمد اللبّاد، قراءات في سيرة الكاتب المصري الراحل هاني درويش (1974ـــ 2013)، وتقاطعاته التي كانت مع المدينة وصدرت بعد وفاته في كتاب «إنّي أتقادم». أمّا الشاعر والروائي اللبنانيّ عبّاس بيضون، فقد كان من نصيبه استعراض في جملة أعماله السردية الأخيرة ومشروعه الروائي الذي ظهر فيه غير بعيد من شغفه في جعل قارئه ملاصقاً لرائحة سيرة ذاتيّة.