بغداد | تدور خلافات بين القوى السياسية المنضوية في «الإطار التنسيقي» حول رغبة بعض قيادات الصف الأول، في مشروع تعديل قانون الانتخابات التشريعية. وفي هذا السياق، تكشف مصادر سياسية، لـ«الأخبار»، أنّ الراعي الأساسي لمقترح التعديل هو زعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، الذي أقلقه تزايد شعبية رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، ومقبوليّته. ومنذ عام 2003، خضعت القوانين الخاصة بالانتخابات البرلمانية لثلاثة تعديلات أساسية وإضافة وحذف فقرات بشكل جذري. وعادة ما تتم التحديثات على القوانين وفقاً للمزاج السياسي للقوى المسيطرة، بشكل يضمن لها زيادة أوزانها أو على الأقل المحافظة عليها.وتتحدث المصادر المقرّبة من «الإطار التنسيقي» عن أنّ «طرح مقترح تعديل القانون الانتخابي أثار حساسية بعض الأطراف السياسية، ولا سيما المقرّبة من السوداني، كونه يحمل نوايا مبيتة لقص أجنحة رئيس الوزراء، قبل تمكّنه من تكوين حالة انتخابية في الدورة البرلمانية السابعة المقررة العام المقبل». وتضيف المصادر أنّ «هناك خلافاً داخل ائتلاف دولة القانون الذي يرغب بعض أعضائه في الانخراط مع تيار محمد شياع السوداني في الانتخابات المقبلة وتأسيس مشروعهم الخاص بعيداً من الائتلاف»، مبينة أنّ «جزءاً من السجال دار بين رئيس كتلة دولة القانون ياسر صخيل وبين المالكي بشأن أهمية المرحلة وقيادتها». وتابعت المصادر أنّ «البقاء على قانون كل محافظة دائرة واحدة (الذي أقرّ عشية انتخابات مجالس المحافظات في تشرين الأول الماضي) يثير خشية من صعود نجم السوداني بفعل الخدمات التي تقدّمها حكومته. كما أن ثمة قوى تريد قانون الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة (83 دائرة في عموم البلاد)، لاستغلال غياب التيار الصدري عن المشهد السياسي قبل أن يقرّر كسر عزلته والعودة إلى العملية السياسية من جديد».
وكان قد لمّح المالكي، في مقابلة مع وكالة الأنباء الرسمية في الثامن من آذار الحالي، إلى أن «هناك قراءات لدى كتل وقوى سياسية بأن الدوائر المتعددة هي الخيار الأفضل، فيما يرى آخرون أن الدائرة الواحدة هي الأفضل»، مؤكداً «عدم وجود قرار نهائي داخل الإطار التنسيقي بتعديل قانون الانتخابات، وإنما أفكار طُرحت وهي قيد المناقشة والحوار. بعضها يتعلق بالعودة إلى الدوائر المتعددة، وأخرى دوائر متعددة مع اعتماد الفائز الأعلى، فيما يفضّل آخرون البقاء على الدائرة الواحدة». وأشار المالكي إلى أن «من الأفكار الأخرى المطروحة، ما يتعلق بالمسؤولين التنفيذيين وعدم مشاركتهم في الانتخابات إلّا إذا قدموا استقالاتهم قبل 6 أشهر منها لعدم السماح باستثمار إمكانات الدولة»، لافتاً إلى أن «هذه الأفكار غير متّفق عليها لا في داخل الإطار التنسيقي ولا في ائتلاف دولة القانون ولا مع بقية القوى السياسية».
قانون الانتخابات في العراق من الأكثر تعرّضاً للتعديلات في مجلس النواب قبل كل استحقاق


وفي السياق، يقول المتحدث باسم «ائتلاف النصر»، وهو أحد أطراف «الإطار التنسيقي»، سلام الزبيدي، إنّ «تعديل قانون الانتخابات يمثّل رغبة وتطلعات بعض قوى الإطار»، متوقعاً «إمكانية العودة مرة أخرى إلى نظام الدوائر المتعددة في قانون الانتخابات، ولكن هناك أطراف سياسية ستمانع التعديلات والتغييرات خشية خسارة وجودها في المشهد». ويرى الزبيدي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «عودة القوى السياسية مرة أخرى إلى التلاعب بمقدرات الشعب يمكن أن تتسبّب في مقاطعة كبيرة وعدم المشاركة في التصويت من معظم أبناء العراق. وقد يتعدى الأمر ذلك إلى ما هو أبعد من المقاطعة، ما يؤثر في العملية السياسية»، مطالباً القوى المختلفة بمراجعة مشاريعها. ويتابع أنه «لا بدّ من أن يكون هناك نظام انتخابي سليم لتشجيع المواطن وإعادة ثقته بالعملية الانتخابية والسياسية في بلاده، وأن تكون هناك تعديلات جديدة تضمن سلامة العملية الانتخابية للوصول إلى أفضل طريقة تحقق العدالة لأبناء الشعب».
ومن جانبه، يشدد نقيب المحامين العراقيين السابق، ضياء السعدي، على ضرورة أن «نقوم بإعداد القانون الانتخابي بما يمكّن الشعب العراقي من اختيار ممثليه، سواء أكان في مجلس النواب أم مجالس المحافظات»، داعياً المشرّع العراقي إلى «التصدّي لتعديلات القانون الانتخابي، إذا كان المقصود منها تقييد حرية الاختيار أو وضع نوع من العقبات لمصلحة أحزاب أو جهات سياسية». وأما الخبير القانوني، وليد الجبر، فيعتبر أن قانون الانتخابات في العراق من أكثر القوانين التي تتعرّض للتعديلات في مجلس النواب قبل كل موسم انتخابي، ويعتقد أن الحديث عن إعادة العمل بالدوائر المتعددة بعد تجربة الدائرة الواحدة، جاء بعد أن فقد عدد من القوى التقليدية والكيانات السياسية الكثير من وزنه في الانتخابات المحلية الأخيرة. ويستبعد أن يكون الهدف من مشروع التعديل معالجة الهفوات الفنية، قائلاً إن «الهدف تلبية رغبات القوى التقليدية التي فشلت أمام جماهيرها في تأدية الكثير من مهماتها»، عازياً «الخلل إلى الأشخاص وليس القانون، وبالتالي فإن مشروع التعديل لا يجدي».
من جهته، يعتقد الباحث في الشأن السياسي، عبد الله الطائي، أن الانقسامات داخل قوى «الإطار التنسيقي» لا تدور فقط على تعديلات قانون الانتخابات، وإنما تتعلّق بقضايا أخرى كثيرة وأبرزها انسحاب القوات الأميركية من البلاد. ويلفت إلى أن «ائتلاف دولة القانون» يطالب بالتعديل خشية عودة الصدريين، مضيفاً أن «قوى سياسية من الإطار تسعى أيضاً إلى الحد من نفوذ السوداني ومنع استثمار منصبه الحالي لتحقيق غايات ومكاسب سياسية مستقبلية».