وإذ يتفادى الهنداوي الإجابة مباشرة على سؤال في شأن ما إذا كان الكاظمي يسعى للبقاء في رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، فهو يقول إن «هذا سؤال مؤجّل وكذلك جوابه، إلى ما بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، وما تسفر عنه من أحجام للقوى المشاركة فيها. وكلّ الاحتمالات قائمة». ويرى أن «تياراً عراقياً من أولوياته بناء دولة عراقية حديثة قوية وموحّدة وذات سيادة كاملة تماماً، وديمقراطية تماماً، ودولة حقوق مدنية تماماً، تعلي الانتماء الوطني وحده هوية للجميع (لكن تحترم الانتماءات الفرعية الدينية والقومية والطائفية والمناطقية وما شابه...) هو الذي سيفوز في الانتخابات العراقية عاجلاً أم آجلاً». لكن في المقابل، لا يتوقّع المساري أن تؤدي الانتخابات إلى تعديلات جذرية في الخارطة السياسية الحالية، بل إلى تغيير طفيف فقط في المشهد السياسي، مستدركاً بأنها يمكن أن تُخفّف من الفساد، خاصة إذا نجم عنها إقصاء بعض الوجوه الفاسدة. إلّا أن علاقة الانتخابات بالفساد تظلّ واقعاً جزئية فقط، فيما من غير المتوقع أن تُحدث هذه الدورة تحوّلاً جذرياً على هذا الصعيد.
تَحوّل ملفّ الكهرباء إلى مادّة أولى للحملات الانتخابية التي لم تبدأ رسمياً بعد
ومع استفحال أزمة الكهرباء، تحوّل هذا الملفّ إلى مادّة أولى للحملات الانتخابية التي لم تبدأ رسمياً بعد، بما في ذلك تحرّكات الكاظمي للتعامل مع هذه الأزمة.
وخلال كلمة في اجتماع الخلية التي شكّلها مع المحافظين، قال الكاظمي إن «ثمّة حملة شرسة من الجماعات الإرهابية لتفجير أبراج نقل الطاقة»، معتبراً أنه «يجب أن لا تلتقي مصالح الإرهاب مع مصالح البعض، تحت عنوان انتخابي». ونجمت مشكلة الكهرباء العراقية أساساً عن نقص الغاز اللازم لتشغيل محطات التوليد، وعن عمليات تخريب لمحطّات التوليد وأبراج الضغط العالي، وأيضاً عن فساد مستشرٍ في قطاعَي الطاقة والنفط. كذلك، تجري محاولات أميركية لإقحام العامل الإيراني في أزمة الكهرباء، باستخدام سيف العقوبات، من خلال التحكّم باستيراد الغاز واستجرار الطاقة من إيران. وهي محاولات يوازيها، وفق ما تظهره تقارير لوسائل إعلام غربية منها هيئة الإذاعة البريطانية « بي بي سي» ووكالة «أسوشيتد برس» وأخرى خليجية مِن مِثل قناة «العربية»، اشتغال علني على تحريض العراقيين على طهران، علماً أن واشنطن هي التي تستخدم العقوبات ضدّ الأخيرة سلاحاً لمنع العراق من التوسّع في استيراد الغاز واستجرار الطاقة من البلد الجار. وتتقاطع هذه الوقائع مع عمليات تخريب خطوط النقل وأبراج التوتر العالي التي ينفّذها تنظيم «داعش»، والتي كان أكبرها انفجار استهدف خطّاً ينقل 400 ميغاوات من الكهرباء من إيران إلى محافظة ديالى العراقية. وتُمثّل تلك الكمّية ثلث كمّية الكهرباء المنقولة من إيران إلى العراق، والتي بدورها تشكّل أقلّ من خمسة في المئة من الاستهلاك العراقي. وكانت الولايات المتحدة قد سمحت للحكومة العراقية بدفع قيمة مستوردات العراق من السلع والبضائع الإيرانية بالدولار، لكن من دون أن يشمل الاستثناء الغاز والكهرباء. ويصل الغاز الإيراني إلى العراق عبر خطَّي أنابيب إلى 4 محطّات لتوليد الكهرباء في البصرة والسماوة والناصرية وديالى. وبحسب «مركز إدارة معلومات الطاقة الأميركي»، فإن 23 في المئة من الكهرباء التي أنتجها العراق كانت بإمدادات الغاز القادمة من إيران خلال عام 2019، بينما استورد نحو 5 في المئة من حاجته من الكهرباء من إيران في العام المذكور نفسه.