وفيما نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر محلّية وطبّية أن الغارات الأميركية على منطقة البوكمال شرق سوريا خلّفت 17 شهيداً على الأقل، تحدّث «المرصد السوري» المعارض عن أن حصيلة القصف ارتفعت إلى 22 شهيداً، فيما تمّ تدمير ثلاث شاحنات ذخيرة. لكن مصادر أخرى أشارت إلى أن الغارات أسفرت عن استشهاد ستة مقاتلين من «الحشد الشعبي» وإصابة 11 آخرين بجروح مختلفة، بينما أعلنت «كتائب حزب الله» العراقية أن القصف أسفر عن استشهاد عنصر واحد منها، أقيمت مراسم تشييعه في مدينة الحلة. كذلك، نشرت منصّات على صلة بفصائل المقاومة صوراً قالت إنها من موقع الهجوم الذي تمّ تنفيذه بواسطة طائرة من طراز «F15E»، زُوّدت بالوقود فوق محافظة الأنبار، وطالت 7 أهداف أغلبها كانت قد أُخليت من قِبَل الفصائل على خلفية تحليق طيران التجسُّس فوق المنطقة، ولذا اقتصر الدمار على بعض «الهياكل الفارغة».
يرى محلّلون أميركيون أن الضربات جرى تنفيذها بعناية لتجنيب بغداد أيّ مشاكل
ويبدو لافتاً اختيار الأراضي السورية لاستهداف فصائل المقاومة العراقية، لا الأراضي العراقية، وهو ما يمكن أن يُفسَّر بخشية إدارة جو بايدن من ردّ فعل الفصائل على اعتداءاتها، وخصوصاً أن المقاومة تعيش منذ مدة حالة استنفار وتوثُّب ضدّ الاحتلال الأميركي. ويلفت الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، العميد هيثم حسون، إلى أن «أميركا في كل تحرُّكاتها واعتداءاتها داخل الأراضي السورية تدّعي أنها تستهدف مجموعتين: الأولى هى بقايا داعش، وهذا أمر غير صحيح، والمجموعة الثانية هي التنظيمات المسلّحة العراقية التي تستهدف قوات الاحتلال الأميركية في الأراضي السورية والعراقية»، مضيفاً إن تلك التنظيمات «تقوم بمنع تسلُّل الإرهابيين من الحدود السورية إلى العراق والعكس كذلك، حيث تتمّ عملية تمشيط مستمرّة للحدود السورية العراقية بالتنسيق مع الجيش السوري».
ويرى محلّلون أميركيون أن الضربات جرى تنفيذها بعناية لتجنيب بغداد أيّ مشاكل، كما أنها لا تهدف إلى تصعيد الأعمال العدائية مع إيران. وفي الاتجاه نفسه، يقول مسؤولون أميركيون إن «الضربات كانت ردّاً عسكرياً صغيراً نسبياً ومنتقى بعناية، فقد أُلقيت سبع قنابل بحجم 500 رطل على مجموعة صغيرة من المباني عند معبر غير رسمي على الحدود السورية ــــ العراقية، يُستخدم في تهريب الأسلحة والمقاتلين، وجاءت في سوريا لتَجنُّب ردّ فعل دبلوماسي من الحكومة العراقية». ويرى مراقبون أن سلوك الإدارة الأميركية الجديدة في العراق يختلف عمّا انتهجته سابقتها، وما قرارها أن يكون الردّ «أكثر حكمة» على هجوم أربيل إلا دليل على ذلك. إلا أن العملية أثارت الكثير من الأسئلة في شأن حدود ردّ الفعل الأميركي، وخصوصاً في ظلّ استمرار الهجمات على مصالح واشنطن في بلاد الرافدين، من أجل إجبارها على سحب كامل قوّاتها من هناك. وكان الجيش الأميركي قد خفض عديد قواته في العراق إلى أقلّ من 2500، بحسب ما هو معلن، وانسحب من عدّة قواعد خلال العامين الماضيين، نظراً إلى انتفاء الحاجة إلى المساعدة التي كانت تتطلّبها محاربة تنظيم «داعش»، كما قال، لكنه ربّما سيتّخذ ممّا يجري حالياً ذريعة لإعادة تعزيز وجوده في هذا البلد.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا