بغداد | مراوحةٌ تسيطر على اجتماعات «اللجنة السباعية»، والمعنيّة باختيار رئيسٍ للوزراء، بدلاً من المستقيل عادل عبد المهدي، بعد اعتذار محمد توفيق علّاوي، في أواخر شهر شباط/ فبراير الماضي. المهلة التي منحها رئيس الجمهورية برهم صالح للأحزاب والقوى السياسية لتسمية بديلٍ تنتهي اليوم، وهذه الأخيرة عاجزةٌ، حتى الآن، عن الاتفاق على مرشّحٍ يحظى بقبول معظمها.«بورصة» الأسماء رست على أربعة، بعدما حوت 18 مرشّحاً. المدير في رئاسة الجمهورية نعيم السهيل، ووزير التخطيط الأسبق علي شكري، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، ووزير العمل والشؤون الاجتماعيّة الأسبق محمد شياع السوداني، هم أبرز المرشحين. لكن، أوفرهم حظّاً وأقربهم إلى نيلها (حتى وقتٍ متأخّرٍ من ليل أمس) هو السهيل، وفق مصادر مشاركة في المفاوضات الجارية.
أسهم السهيل ارتفعت بعد هبوطٍ «مفاجئٍ» لأسهم مدير جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، بعد «فيتو» زعيم «تحالف الفتح» (ائتلافٌ نيابيٌّ يضم الكتل المؤيدة لـ«الحشد الشعبي») هادي العامري، وانقلابٍ «ناعمٍ» لزعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، عليه. كذلك، برز اسم المتحدّث السابق باسم رئاسة الجمهورية، لقمان الفيلي، كمرشّحٍ للمنصب، لكنّ الرجل لم يحظَ بـ«الغطاء السياسي» لتمريره، حاله حال عددٍ من مديري الجامعات الذين رشّحهم «التيّار الصدري» بقيادة مقتدى الصدر، لكنّهم قوبلوا برفض الأحزاب والقوى.
وتفيد المصادر بأنّ «الاعتبارات الشخصيّة» وحسابات قادة الأحزاب والقوى قيّدت آليات اختيار البديل، فـ«كلّما اقترب المجتمعون برزت النزعات الشخصانيّة، ومناورة البعض لإسناد المنصب إليه». هنا، كان من البارز محاولة كلٍّ من العامري والمالكي، الظفر بالمنصب، على اعتبار أن المرحلة المقبلة «تحتاج إلى صنفٍ من القادة هم يمثلونه».
برز كذلك اسم المتحدّث السابق باسم رئاسة الجمهورية لقمان الفيلي كمرشّحٍ للمنصب


ورغم إعلان القيادي في «الفتح» أحمد الأسدي تسمية الرئيس المكلّف ليل الأحد، على أن يُكلّف رسمياً من قِبل صالح اليوم الاثنين، بدا الأطراف المختلفون عاجزون عن «الإيفاء» بوعودهم، خصوصاً أنّ المعنيين «الخارجيين» (طهران وواشنطن) فضّلوا عدم التدخّل في هذا الاستحقاق، والدفع بالقوى المحليّة لإنجازه «على طريقتها». هذا الهامش الذي مُنح (من المرّات النادرة) ترجم عجز هذه القوى عن الالتفاف حول رجلٍ قويٍّ يقود البلاد في هذه المرحلة الحسّاسة، وذلك أن عمر الحكومة الانتقاليّة يراوحُ بين 9 أشهرٍ وسنةٍ ـــ على أبعد تقدير، ومهمتها الرئيسة إجراء الانتخابات التشريعيّة المبكرة.
عجزٌ في تحديد مواصفات «المكلّف»، مقرونٌ أيضاً بخوف القوى من إعطاء المهمّة إلى رجلٍ قويٍّ، تُسند إليه مواجهة أزماتٍ بالجملة. وهذا العجز مسحوبٌ أيضاً على رفض تلك القوى التعلّم من تجربة علّاوي الأخيرة، تكليفاً وتأليفاً. ثمة من يقول إن «المكلّف» هنا، بمعزلٍ عن شخصيّته، عليه أن يكون «صاحب نفسٍ طويل، يبحث عن حلولٍ من شأنها أن تترجم دعماً له في البرلمان»، من دون أن يستبعد هؤلاء تكليف وجهٍ جديدٍ، يستنفد المهلة الدستورية ويفشل في تأليف حكومته أو تمريرها برلمانياً. عمليّاً، عودةٌ إلى المربّع الأوّل، وبقاء عبد المهدي في منصبه.