أولاً، زيارة عبد المهدي إلى الصين منتصف شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وتوقيعه اتفاقيات مع بكين لبناء وتطوير البنى التحتية العراقية، وفتح أوسع أبواب الاستثمار أمام الإدارة الصينية للعمل في «بلاد الرافدين».
ثانياً، اتهامه إسرائيل بالوقوف وراء استهداف عدد من مقارّ «الحشد الشعبي» خلال شهرَي تموز/ يوليو وآب/ أغسطس الماضيين، وتلميحه إلى أن بغداد في صدد التحضير لحراك دبلوماسي بهدف إدانة تل أبيب وانتزاع الحقّ في الردّ على اعتداءاتها.
خطوتان تُضافان إلى سجلّ كبير من «استفزازات» عبد المهدي لواشنطن، التي - حتى الآن - لم تستسغ (على سبيل المثال لا الحصر) توقيع بغداد اتفاقيات مع شركة «سيمنس» الألمانية لتطوير قطاع الطاقة الكهربائي، على حساب شركة «جنرال إلكتريك» الأميركية، والتوجّه إلى موسكو لشراء منظومات دفاع جوي ومنها «أس 400» (عقب استهداف مقار «الحشد»). توجّه بغداد شرقاً يعزّز، من وجهة نظر الولايات المتحدة، النفوذ الإيراني في العراق، الذي كسر مطلع الأسبوع الجاري أكبر المحظورات الأميركية بافتتاحه معبر القائم - البوكمال الحدودي مع سوريا، ما يعني تعبيد طريق طهران - بغداد - دمشق - بيروت الذي تراه أميركا وإسرائيل والسعودية ممرّاً لتمرير الأسلحة إلى مختلف فصائل المقاومة، وتحديداً حزب الله.
السفير الأميركي ماثيو تولر حذّر عبد المهدي من «عواقب وخيمة» لزيارة الصين
ووفق معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن عبد المهدي كان على علم مسبق بأن ثمة «عقوبة» أميركية إن كرّست بغداد الشرق خياراً منافساً للغرب. إذ أن سفير الولايات المتحدة لدى العراق ماثيو تولر، سبق وأن نقل إلى رئيس الوزراء تحذيرات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من «عواقب وخيمة لذلك». كما أن اتهام إسرائيل باستهداف «الحشد» فُهمَ على أنه ضوء أخضر للكتل البرلمانية لتحريك ملف إخراج القوات الأميركية، ولـ«الحشد» وفصائل المقاومة بالرد، حسبما جاء على لسان زعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الذي رأى أنه «بإعلان رئيس الوزراء مسؤولية الكيان الإسرائيلي استهداف مخازن الحشد، يجب على الحكومة القيام بإجراءاتها في المحافل الدولية، مع احتفاظنا بحق الرد الكامل على هذا الاعتداء».
إضافة إلى ما تقدّم، ووفق المعلومات، فإن الحكومة العراقية - ومنذ 3 أشهر - تمتلك معلومات دقيقة عن مخطط انقلابي بقيادة عدد من الضباط العسكريين يقضي بإعلان «حكومة إنقاذ» برعاية مباشرة من السفارة الأميركية، توازياً مع تحرك «شعبي» مدعوم من قِبل جيشها الإلكتروني (عبر مئات الصفحات والحسابات الإلكترونية الوهمية). غير أن خطوة استباقية اتخذتها الحكومة بإقالة أحد هؤلاء الضباط خلطت الأوراق، وأربكت المسار المرسوم أميركياً في إطلاق الأزمة الراهنة وإدارتها، حتى تكون نهايتها «صفعة» لإيران وحلفائها.