بغداد | مع تحديد رئيس الجمهورية مطلع الأسبوع المقبل موعداً لانعقاد الجلسة البرلمانية الأولى، تجد القوى السياسية المختلفة نفسها أمام تحدي تسريع مشاوراتها لتشكيل «الكتلة الأكبر» التي يُفترَض أن تعلن عن نفسها خلال الجلسة المنتظرة. وإلى جانب ذلك الاستحقاق، يحضر استحقاق رئاسة البرلمان، الذي أعاد شرخ «البيت السني»، في ظل حديث عن تنافس سعودي - قطري على المنصب.حسم رئيس الجمهورية العراقية، فؤاد معصوم، الجدل في شأن موعد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، بعدما صادقت المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات التشريعية (التي أُجريت في أيار/ مايو الماضي) في الـ19 من آب/ أغسطس الجاري. وأصدر معصوم مرسوماً جمهورياً حدّد بموجبه الثالث من أيلول/ سبتمبر، والذي يصادف يوم الاثنين المقبل، موعداً لانعقاد الجلسة برئاسة الرئيس الأكبر سناً، والذي سيكون النائب عن «التحالف المدني الديموقراطي» محمد علي الزيني.
ويُفترض أن ينتخب مجلس النواب الجديد، في جلسته الأولى، رئيساً للبرلمان ونائبَين له بالغالبية المطلقة. ومع انحسام موعد ذلك الاستحقاق، يتكثّف الحراك داخل «البيت السني» من أجل ترشيح اسم للمنصب الشاغر، في ظل انقسام واضح داخل «تحالف المحور الوطني» الذي أُعلن عنه أخيراً بين القوى والشخصيات «السنية». وأعلن «تحالف القوى العراقية» (المعروف بتحالف «الكرابلة»)، أول من أمس، ترشيح محافظ الأنبار الحالي، محمد الحلبوسي، لرئاسة البرلمان، بعدما كان «تحالف القرار العراقي» اتفق على ترشيح رئيس المجلس السابق، أسامة النجيفي، للمنصب. ويوم أمس، استقر التجاذب على بيان صادر عن «المحور» أقرّ فيه بوجود ترشيحَين اثنين، أحدهما لكتلة «العراق هويتنا» (الحلبوسي)، وثانيهما لـ«تحالف القرار» (النجيفي). وألمح البيان إلى أن الكفة تميل لمصلحة النجيفي، بقوله إن الأخير «يحظى بغالبية الأصوات، وتأييد واسع من مختلف الكتل السياسية ضمن المحور الوطني»، مضيفاً أنه «سيتمّ اختيار أحدهما خلال الأيام القليلة المقبلة، قبل انعقاد جلسة البرلمان». وفي الاتجاه نفسه، قال الحلبوسي إنه «سيُصار إلى التصويت داخل الأمانة العامة للتحالف، والمتمثلة بكافة الأعضاء الفائزين»، من أجل اختيار أيّ من المرشحَين.
زار وفد من «نواة الكتلة الأكبر» أربيل لإقناع الأكراد بالانضمام إلى التحالف


وفي هذا الإطار، تتحدث مصادر مطلعة على مسار المفاوضات داخل «البيت السني» عن وجود تنافس سعودي – قطري على اختيار رئيس البرلمان. وتوضح المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن السعودية تدعم بقوة ترشيح الحلبوسي، مُبيِّنةً أن وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامر السبهان، يحاول إقناع الأطراف «السنية» بدعمه. وتضيف أنه، في المقابل، فإن المحور القطري – التركي يدعم إعادة رئيس البرلمان السابق، أسامة النجيفي، إلى منصبه مجدداً، أو أي حليف مقرب منه، لا سيما أن أكثر من جهة تضع «فيتو» على الرجل نظراً للأزمات التي رافقت فترة رئاسته لمجلس النواب.
على خط موازٍ، ومع تحديد رئيس الجمهورية موعد انعقاد الجلسة الأولى التي يُفترض أن تعلن خلالها الكتلة النيابية الأكبر عن نفسها، وإعلان «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» فتح باب تسجيل التحالفات البرلمانية اعتباراً من اليوم الثلاثاء، دخل السباق على تشكيل «الكتلة الأكبر» مرحلة الحسم، في ظل تنافس محموم بين المعسكر الذي يجمع رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس «التيار الصدري» مقتدى الصدر، والآخر الذي يضم رئيس «تحالف الفتح» هادي العامري ورئيس «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي.
وفي آخر تطورات ذلك السباق، حطّ، أمس، وفد رفيع المستوى مما سُمّيت «نواة الكتلة الأكبر»، التي تضم تحالف «سائرون» (المدعوم من الصدر) وتحالف «النصر» (بزعامة العبادي) وتيار «الحكمة» (بزعامة عمار الحكيم) وائتلاف «الوطنية» (بزعامة إياد علاوي)، في أربيل، في إطار المساعي الجارية لإقناع الكتلة الكردية بالانضمام إلى تحالف «النواة»، لكن الرياح جرت على ما يبدو بما لا تشتهي سفن الوفد. إذ أبلغ مصدر مطلع، «الأخبار»، بأن الوفد لم يتوصل إلى تفاهمات مع الجانب الكردي، وهو ما يعزّز الرواية التي تقول إن الأكراد يفضلون محور المالكي - العامري على محور الصدر - العبادي، بسبب موقف الأخير من استفتاء الانفصال، والإجراءات التي اتخذها بحق إقليم كردستان عقب إجراء الاستفتاء.
هذا الانطباع دعّمته النائب عن «دولة القانون»، عالية نصيف، بتأكيدها أن لدى ائتلافها «تفاهمات إيجابية» مع القوى الكردية و«السنية»، وأن «السنة» باتوا «مطمئنين» إلى التحالف مع محور المالكي – العامري، الذي «انضمّ إليه 30 عضواً من النصر» (هم أعضاء كتلتَي «مستقلون» و«الفضيلة»)، بحسب ما قال أمس العضو الآخر في «دولة القانون» منصور البعيجي، الذي توقّع إعلان «الكتلة الأكبر» خلال اليومين المقبلين. توقع انسحب، كذلك، على تحالف «الفتح»، الذي اعتبر القيادي فيه، عدي عواد، أن «الأيام المقبلة خلال هذا الأسبوع ستكون حاسمة في شأن تشكيل الكتلة الأكبر والإعلان عنها»، في حين أشار العضو في التحالف، فلاح الجزائري، إلى أن «الفتح» يمتلك العدد الذي يؤهله لـ«إعلان الكتلة الأكبر اليوم قبل الغد، لكنه يسعى إلى جمع الطيف الوطني وكتابة برنامج حكومي رصين»، مؤكداً «استمرار الاتصالات بين رئيس الفتح هادي العامري، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر»، والتي قال إنها «لم تنقطع يوماً».