دخلت طهران مرحلة جديدة من توتر العلاقات مع لندن، على خلفية إعلان الأخيرة وقف تعاملاتها المالية مع الأولى بسبب برنامجها النووي، حيث وافق البرلمان الإيراني أمس على مشروع قانون لخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع بريطانيا، وذلك غداة تحذير صدر عن قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال عامر علي حاجي زاده، من أن بلاده ستستهدف الدرع المضادة للصواريخ التابعة للحلف الأطلسي في تركيا، رداً على أي تدخل عسكري أجنبي ضدها. بدوره، أكد وزير الدفاع الإيراني، العميد أحمد وحيدي، أن إيران ستعلم الأميركيين الحرب في حال حدوث أي اعتداء على البلاد، مضيفاً أن قوات التعبئة الإيرانية ستمنع كيان الاحتلال الإسرائيلي من فرصة التقاط الأنفاس. وأضاف، أمام تجمع أكثر من خمسين ألفاً من قوات التعبئة: «على العدو أن يجيب كم هي المدة الزمنية التي هو مستعد لها في الحرب وكم عدد سفنه وبوارجه التي يتحمل إغراقها؟». وتابع: «لا يظنن الأميركيون أنهم خاضوا حرباً في أفغانستان والعراق. لقد تراجع صدام في العراق، ولم يكن هناك أحد يحارب في أفغانستان. وفي فييتنام رأينا إلى أين وصلت بهم الأمور».
وتساءل وزير الدفاع الإيراني: «لماذا يطلق الكيان الصهيوني التهديدات؟ كم هو مستعد لتلقي آلاف الصواريخ؟ عشرة آلاف؟ عشرون ألفاً؟ خمسون ألفاً؟ مئة ألف؟ مئة وخمسون ألف صاروخ؟ أم أكثر؟». وأضاف: «إذا أقدم الصهاينة على تنفيذ تهديداتهم ضد إيران، فإن قوات التعبئة ستنتقم لدماء الشعوب المظلومة من هذا الكيان. إن الكيان الصهيوني لم يدفع بعد ثمن جرائمه في صبرا وشاتيلا وغزة، وإذا هاجم إيران فسننتقم لهذه المدن. فإذا كان الصهاينة مستعدين للقتال، فليتقدموا».
في هذا الوقت، أكد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي، في اجتماع حاشد لقوات التعبئة «الباسيج»، أن الثورة الإسلامية بصمودها وبقائها وصدقيتها قد ألهمت شعوب العالم. وأشار إلى ثورات العالم العربي، قائلاً «إن شعارات شعبي مصر وتونس أخذت تتردد في نيويورك وكاليفورنيا، كذلك فإن شعبي مصر وتونس يؤكدان بصراحة أن حزب الله وحماس والجهاد هم قدوتهم. والجميع يعرف أن هذه الجماعات تعلمت درس الصمود وتحطيم أصنام الاستكبار من المعلّم الأول في العصر الجديد، أي الإمام الخميني والشعب الإيراني الصابر المقتدر».
في هذه الأثناء، وجه الجنرال حاجي زاده تحذيراً إلى حلف شماليّ الأطلسي، قائلاً: «إذا تعرضنا لتهديد، ننوي أولًا استهداف درع الحلف الأطلسي المضادة للصواريخ في تركيا. ثم سنهاجم أهدافاً أخرى». وفي أول تصريح من نوعه لقيادة الحرس الثوري الإيراني عن إمكان استهداف تركيا، قال حاجي زاده مخاطباً وحدات «الباسيج» في مدينة خرم آباد (غرب)، إن موقف إيران من الآن وصاعداً سيكون «الرد على التهديد بتهديد»، وذلك تنفيذاً لتعليمات صدرت هذا الشهر عن المرشد الإيراني الأعلى.
ويوم أمس، صدّق نواب مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني) على المشروع العاجل بامتيازين لخفض العلاقات السياسية مع بريطانيا، وكلّفوا وزارة الخارجية طرد السفير البريطاني وخفض العلاقات السياسية إلى مستوى القائم بالأعمال خلال أسبوعين، وخفض العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى أدنى حد ممكن.
وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء بأن نواب مجلس الشورى، بعد دراسة تفاصيل مشروع خفض العلاقات مع بريطانيا خلال الجلسة العلنية أمس، وبعد الاستماع إلى وجهات نظر المؤيدين والمعارضين للمشروع، صدّق على هذا المشروع بـ171 صوتاً و3 معارضين و7 ممتنعين من مجموع 196 نائباً حضروا الجلسة العلنية.
من جهته، رأى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أن العقوبات الغربية الجديدة على إيران على خلفية برنامجها النووي، تجعل إمكان إجراء مفاوضات دولية بشأن هذه القضية «أكثر صعوبة». وقال نجاد في مقابلة بثتها القناة الفضائية الإيرانية العامة «إنهم يتخذون دائماً تدابير تجعل إجراء مفاوضات معنا أمراً أكثر صعوبة بالنسبة إليهم». وأضاف مخاطباً الولايات المتحدة وحلفاءها: «تصوتون على قرارات، تفرضون عقوبات، تستخدمون كل الأساليب ضدنا وتريدون منا أن نتفاوض معكم». وتابع: «قلنا دائماً إننا مستعدون للتفاوض والتعاون. إن المفاوضات أفضل من المواجهة. لكن يبدو أنه ليس لديهم أدنى فكرة، وهم يعودون دائماً إلى المواجهة».
(مهر، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)