لا تزال تردّدات الأزمة الليبية تلاحق الجزائر مع تسريب تقرير للخارجية الفرنسية رأت فيه باريس أن الجزائر تمثّل مصدر الإزعاج الرئيسي لها في شمال أفريقيا. ونقلت صحيفة «الخبر»، أمس، تقريراً عن تسريبات خاصة بوزارة الخارجية الفرنسية ترى فيها باريس الجزائر دولة معرقلة لمصالحها في منطقة المغرب العربي والساحل الأفريقي، وأن ذلك ظهر جلياً من خلال المواقف المتناقضة للدولتين من الأزمة الليبية.وبيّنت الملاحظات المسرّبة في التقرير الصادر عن «فالور أكتويال» مدى تضايق الدبلوماسية الفرنسية عموماً من الخيارات الجزائرية، وكانت ملاحظات الدبلوماسيين الفرنسيين بشأن الجزائر مختلفة تماماً عن تلك التي قدمت عن تونس والمغرب ومصر، حيث وُصفت الجزائر بـ«البلد المثير للشفقة»، ولكن أيضاً بأنها «عملاق وقوة كبيرة ستعرقل المخططات المرسومة»، فضلاً عن أن الجزائر ستكون «الخاسر الأكبر في الترتيبات الجديدة».
ورأت الصحيفة أن الجزائر أصبحت الآن في نظر فرنسا القوة الإقليمية الوحيدة التي تمثّل مصدر الإزعاج الرئيسي لها، لأنها ترفض مبدئياً الانخراط في مخطط إعادة الاصطفاف الجديد للمنطقة كما يراد لها أن تكون، سواء كما رسمها صنّاع القرار في أوروبا أو في الولايات المتحدة الأميركية. ورأى السفير الفرنسي في الجزائر، كزافيي دريانكور، أن الجزائر غير معنية بالثورات التي أطاحت بعض الأنظمة العربية، مشدداً على وقوف الحكومة الفرنسية الدائم إلى جانب الجزائر.
وأمس، شهد مطار «جانت» الدولي على الحدود مع ليبيا تشديداً في الإجراءات الأمنية المطبّقة على حركة المسافرين، وحتى الموظفين، في المطار، من قبل أجهزة الأمن الجزائرية، تحسّباً لأي أعمال إرهابية. وذكرت صحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية أمس أن المصالح الأمنية جهّزت المطار بمعدات كشف المتفجرات وتجهيزات حديثة يجري بواسطتها مسح السيارات المتدفقة، فضلاً عن إخضاع المسافرين المغادرين وأمتعتهم للمراقبة.
وقالت الصحيفة إن تشديد الإجراءات الأمنية الاحترازية في مطار «جانت» جاء بعد الحركة غير العادية للرعايا الليبيين، ومعظمهم من «الراغبين في العبور عبر الجزائر للذهاب إلى دول المشرق، وآخرين نحو المغرب وتونس عبر الجزائر العاصمة».
وفي تطور أمني، كشف وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي عن استسلام 10 آلاف من الجماعات الجزائرية المسلحة، وقال «إن سياسة الجزائر في مكافحة الإرهاب سمحت بعودة عدد مهم من الإرهابيين الذين سلّموا أنفسهم، داعياً الدول إلى «التعاون الدولي الأوسع في مجال مكافحة الإرهاب بين الدول المعنية المباشرة والمؤسسات الدولية الشريكة».
في شأن آخر، فتحت سلطات الأمن الجزائرية، أمس، تحقيقاً لكشف الأطراف التي تقف وراء الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها عدة مناطق في البلاد احتجاجاً على طريقة توزيع الوحدات السكنية. وذكرت تقارير محلية، أمس، أن الشرطة أوقفت أمس الاثنين عشرات الشبان لاتهامهم بالضلوع في الاشتباكات التي نشبت بين المحتجين وقوات مكافحة الشغب، والتي أدّت إلى إصابة العشرات من الطرفين وتحطيم عدد من السيارات.
من جهة أخرى، انتقد رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى تدخل «الأيادي الأجنبية» في الثورات العربية، واعتبرها غير بريئة. ونقلت صحيفة «الخبر» أمس عن أويحيى قوله أمام قياديين من حزبه التجمع الوطني الديموقراطي، في تعليقه على الأزمة الليبية، «كل دولة لها أجندتها في أزمة ليبيا، العيب أن يرفض البعض أن تدافع الجزائر عن مصالحها هي كذلك».
(الأخبار، يو بي آي)