إذاً أودع المدير العام لصندوق النقد الدولي، الفرنسي دومينيك شتراوس كان، في حبس انفرادي في سجن رايكرز آيلاند في نيويورك، على جزيرة ايست ريفر قبالة مطار لاغواريا، أكبر سجون العالم وأكثرها أمناً. ووسط تضارب الآراء في الشارع الفرنسي بشأن اتهام وزير المال الفرنسي السابق بالاعتداء الجنسي على خادمة في فندق «سوفيتيل» في نيويورك، يستعد الرجل الستّيني للمثول أمام هيئة من المحلفين تتألف من 24 مواطناً أميركياً، لتقرر صحة الدعوى.

وفي حال الموافقة عليها، يفترض أن تبدأ المحاكمة في شهر تموز المقبل، ومن غير المتوقع أن تنتهي قبل سنة.
ومع شيوع خبر اعتقال شتراوس كان، سارعت الصحافية والكاتبة الفرنسية تريستان بانون (31 عاماً)، على لسان محاميها دايفد كوبي، إلى إعلان نيّتها الادّعاء عليه أمام القضاء بتهمة اغتصابها أثناء محاورتها له في عام 2002. بانون كشفت الأمر سابقاً في مقابلة تلفزيونية عام 2007، أما اليوم فقد قررت التحرك قضائياً، لأن «ملف ارتكاباته الجنسية قد فُتح». وبحسب ما أفادت به صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن موقف والدة الشابة أسهم في عدم إقدامها على مثل هذا الأمر، بسبب إقناعها حينها بعدم الادّعاء عليه وتصنيفها ما حدث في خانة «الاعتداء الجنسي» لا الاغتصاب.
الاتهامات التي سيقت ضدّ شتراوش كان تنوّعت بين فعل جنسي إجرامي، واغتصاب متعمّد، والاحتجاز غير القانوني، واللمس القسري، والاستغلال الجنسي، ويبلغ مجموع مدة أحكامهـا 74 سنة وثلاثة أشهر، بحسب تقرير أعدّه مكتب المحامين في ولاية نيويورك. وقد أثارت القضية مسألة استقالة شتراوس كان من مهماته في صندوق النقد الدولي الذي يسيّره اليوم جون ليمبسكي قائماً بأعمال المدير العام، حيث نقل موقع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» على شبكة الإنترنت، عن وزيرة المال النمساوية قولها بضرورة أن يعيد شتراوس كان النظر في عمله على رأس المؤسسة الدولية. كذلك ظهر نوع من الرضى الإسباني عمّا يمر به الرجل، من خلال تصريح لوزيرة المال للإذاعة نفسها، تعبّر فيه عن تعاطفها مع الخادمة الأميركية: «إذا كان لا بد من أن أدعم أحداً في هذه القضية، فستكون المرأة التي أهينت، إذا اتّضحت صحة الموضوع».






لا يمكن الفصل بين القضية التي يواجهها دومينيك شتراوس كان، أحد أركان الحزب الاشتراكي الفرنسي، والحراك الدائر في فرنسا بهدف اختيار المرشحين للانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تجرى في أيّار من العام المقبل. فأستاذ الاقتصاد في معهد باريس للعلوم السياسية يتقدم على الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي بخمس نقاط، بحسب نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت أخيراً في البلاد، وهو من أوفر المرشحين الاشتراكيين حظاً للفوز بالمعركة. وبما أن محاكمة رئيس بلدية سارسيل لن تنتهي قبل الموعد المحدد للانتخابات، فإنه يعدّ منذ الآن خارج اللعبة الديموقراطية، وتعدّ الساحة الاشتراكية منذ الآن خالية أمام سيغولين رويال وزوجها السابق فرانسوا هولاند.
هناك من يرى أن القضية التي يواجهها شتراوس كان حالياً أمر طبيعي لشخص لا تعدّ مثل هذه الحادثة الأولى في تاريخه، وآخرون من الفرنسيين يرون أن الأمر متعلق بـ«فبركة ملف» تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية، وكثر يربطون الأمر «بفخ» ينصبه نيكولا ساركوزي لأشرس منافسيه المحتملين... قليل من الانتظار كفيل بالإجابة عن كل هذه التساؤلات!