أطلّ رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، ليدحض أمام البرلمان الاتهامات الأميركية الموجهة إلى باكستان بالتواطؤ مع تنظيم «القاعدة»، قائلاً إن «مزاعم التواطؤ أو انعدام الكفاءة هي محض هراء»، موضحاً أن اتهام باكستان، بما في ذلك استخباراتها، بأنها في «تعاون وثيق» مع شبكة «القاعدة» ينطوي على مخادعة. وأشار إلى أن العمليات المنفردة مثل المداهمة التي قامت بها قوات أميركية خاصة لمخبأ زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن قد تنطوي على عواقب خطيرة، لكنه قال إن بلاده «تولي اهتماماً كبيراً بعلاقتها بواشنطن».وأعلن جيلاني «فتح تحقيق لتحديد كيف تمكن بن لادن من الاختباء في فيلا في باكستان لسنوات»، مؤكداً أن بلاده «لا يمكن أن تعتبر مسؤولة وحدها عن إنشاء شبكة القاعدة وأفعالها». وقال «نحن مصممون على كشف متى ولماذا كان بن لادن في أبوت أباد. لقد أمرنا بفتح تحقيق»، مضيفاً إن «القاعدة لم تنشأ في باكستان»، رداً على اتهامات أميركية بحصول تواطؤ محتمل داخل الجيش أو الاستخبارات الباكستانية. وتساءل «من المسؤول عن إيجاد القاعدة (في التسعينيات)؟ ومن المسؤول عن صنع أسطورة بن لادن»؟
وصعدت أحزاب المعارضة الرئيسية من دعوتها الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ورئيس وزرائه إلى الاستقالة بسبب انتهاك سيادة البلاد من قبل القوات الأميركية التي تسللت من أفغانستان لتقتحم المجمع الذي اختبأ فيه بن لادن.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أعلن ليل أول من أمس أن بن لادن كان يتمتع على الأرجح «بنوع من» شبكة للدعم داخل باكستان، قائلاً إن «واشنطن وإسلام أباد ستجريان تحقيقاً لمعرفة طبيعة هذا الدعم». وأضاف إنه وأفراد فريقه «فوجئوا لعلمهم بأن بن لادن كان يعيش على ما يبدو في ذلك المجمع الباكستاني منذ فترة طويلة».
من جهته، أعلن وزير الداخلية الباكستاني، عبد الرحمن مالك، لقناة «العربية»، أن السلطات الباكستانية «علمت بحصول غارة أميركية بعد 15 دقيقة من بدئها، لكنها لم تعرف أن المستهدف كان بن لادن»، مشيراً إلى وجود «تنسيق أمني دائم وعمليات أميركية في الأراضي الباكستانية». وقال «أول معلومة وصلتني كانت سقوط طائرة وبعدها علمنا بالتفاصيل»، وأضاف إن «التحقيقات جارية على قدم وساق، لكن لا أريد كشف تفاصيل».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن القلق الأول لقائد الجيش الباكستاني أشفق كياني، لدى سماعه عن العملية الأميركية في أبوت أباد، كان بشأن المنشآت النووية الباكستانية. ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من كياني قوله إنه «أُبلغ عند الواحدة فجراً بأن مروحية تحطمت في منطقة أبوت أباد قرب إسلام أباد. واستنتج كياني مباشرة أنها مروحية أجنبية انتهكت الدفاعات الباكستانية، وكان قلقه الأول منشآت الصواريخ النووية التي لا تبعد إحداها إلا مسافة أميال قليلة عن أبوت أباد».
في هذا الوقت، أعلنت صحيفة «دايلي ميرور» البريطانية، أن «مخبأ بن لادن في بلدة أبوت أباد الباكستانية سيدمّر لمنع تحوله إلى مزار». وقالت إن خبراء في مجال الأمن حذّروا من أن «بث شرائط الفيديو المنزلي لزعيم القاعدة يمكن أن يثير ردود أفعال عنيفة من قبل أنصاره المتعصبين بعد تدفق الآلاف منهم على منزله خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي»، مضيفاً إن «مسؤولين أميركيين وباكستانيين خططوا لهدم المخبأ المحصن حيث قُتل بن لادن».
وذكرت الصحيفة أن مؤلف كتاب «القاعدة»، سايمون ريف، رأى أن أشرطة الفيديو «أظهرت بن لادن رجلاً عادياً دنيوياً عاش في ظروف متواضعة وسيئة، وأدار ظهره لثروة عائلته ومالها لخوض حرب ضد الغرب»، فيما نسبت الصحيفة إلى الخبير في شؤون الإرهاب الدولي، لي نبليت، قوله إن «هناك احتمالاً بأن أشرطة الفيديو يمكن أن تؤدي إلى رد فعل عنيف عبر حركة التطرف الواسعة، وقد نشهد تصاعداً في التفجيرات الانتحارية في باكستان وأفغانستان في الأسابيع القليلة المقبلة تستهدف المصالح الغربية، وفي المقام الأول مصالح الولايات المتحدة». وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة خططت لإطلاق صاروخ على منزل بن لادن لقتله، لكنها ألغت الخطة جراء خشيتها من استحالة معرفة ما إذا كانت حققت هدفها بقتل الرجل المناسب بعد الضربة.
وفي قندهار، أعلن مسؤولون أن قوات الأمن الأفغانية قضت على آخر المتمردين الثلاثة الذين كانوا يحتلون مبنى رسمياً بعد 36 ساعة على بدء سلسلة هجمات أطلقتها حركة «طالبان» ضد مبان حكومية. وأعلن الناطق باسم سلطات الولاية، زلماي أيوبي، أن «القوات الأمنية الأفغانية سيطرت على المبنى الذي كان يحتله العدو».
(يو بي آي، رويترز، أ ف ب)