تاميرلان تسارناييف (26 سنة) وجوهر تسارناييف (19 سنة)، هما الشقيقان المشتبه في تنفيذهما تفجير ماراثون بوسطن في 15 نيسان الجاري، حسبما أفادت مصادر في مكتب التحقيق الفدرالي (إف بي آي) أمس. تاميرلان قتل ليل أول من أمس خلال مطاردة الشرطة له، فيما فرّ جوهر وما زالت الشرطة تلاحقه في ضواحي مدينة بوسطن. بعض المصادر الصحافية الاميركية قالت إن الشقيقين من أصول شيشانية، فيما قال آخرون إنهما من داغستان، والبعض الآخر ذكر أنهم من قرغيزستان.
هاجر الشقيقان الى الولايات المتحدة منذ حوالى عشر سنوات، وعاشا في منطقة كامبريدج في ضاحية بوسطن وتعلّما في مدارسها وقصدا جامعاتها. والد الشقيقان تسارناييف، يؤكد «براءتهما وتوريطهما من قبل الاستخبارات الاميركية في حادثة التفجير». والرئيس الشيشاني يستنكر «اتهام الشيشانيين بكل الأحداث التي تحصل في العالم، وصولاً الى التسونامي»!
منذ ليل الخميس ــ الجمعة طاردت شرطة ولاية ماساتشوستس المشتبه فيهما بعدما حددت ملامحهما من خلال صور وتسجيلات فيديو التقطتها كاميرات في شارع بويلستون في وسط مدينة بوسطن. وخلال الليل قتل ضابط شرطة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالرصاص داخل حرم المعهد، كما أصيب شرطي من هيئة النقل، وقام المشتبه فيهما بسرقة سيارة وخطف سائقها لمدة قصيرة ثم بإطلاق سراحه.
تاميرلان، الشقيق الأكبر، أصيب في تبادل لإطلاق النار خلال المطاردة الليلية، ونقل الى المستشفى حيث فارق الحياة. أما جوهر، فنجح بالفرار من قبضة الشرطة، ما حوّل مدينة بوسطن وضواحيها الى منطقة أمنية مغلقة طوال يوم أمس. فتّش عناصر مكتب التحقيقات الفدرالية منازل ضاحية ووترتاون منزلاً منزلاً بحثاً عن جوهر، وطلبت الشرطة من السكان البقاء في منازلهم وحذرتهم من «فتح أبواب منازلهم للغرباء»، كما أوقفت خدمات النقل في خليج ماساتشوستس «الى أجل غير مسمى» طيلة فترة المطاردة، كما أغلقت المدارس الرسمية.
وكان المحققون الاميركيون قد نشروا صورا وتسجيلات فيديو للشابين. وفي تسجيل مدته 30 ثانية ظهر تاميرلان وجوهر وهما يسيران على مقربة من بعضهما البعض بفارق خطوات معدودة في شارع بويلستون في وسط بوسطن. وكان أحدهما يرتدي قبعة بايسبول داكنة ونظارة شمسية، والاخر يرتدي قبعة بايسبول بيضاء أدارها إلى الخلف.
وذكر الطبيب الذي يعمل في مركز بيث اسرائيل ديكونيس الطبي في بوسطن أن أحد المشتبه فيهما «وصل الى المستشفى ليلاً مصاباً بتوقف في وظائف القلب، وكانت هناك آثار إصابات أكثر من مجرد طلقات رصاص».
وبعد ساعات على كشف هوية المشتبه فيهما نقلت وسائل إعلام أميركية بعض ما نشره جوهر تسارناييف على أحد مواقع التواصل الالكتروني، ومنها «روابط لمواقع إسلامية، ومواقع أخرى تدعو الى استقلال الشيشان». ويقول جوهر عن نفسه على صفحته إنه متخرّج من إحدى المدارس الحكومية في كامبريدج بماساتشوستس عام 2011. ويذكر أيضاً أنه ارتاد مدرسة ابتدائية في ماخاتشكالا عاصمة إقليم داغستان المتاخم للشيشان، وأنه يتحدث الانكليزية والروسية والشيشانية. وفي الخانة المخصصة لوجهة نظره تجاه العالم كتب «الإسلام»، اما عن أولوياته الشخصية، فكانت «الحياة المهنية والمال».
جيران جوهر وأساتذته في المدرسة، أكّدوا أنه «ولد مهذّب وطيّب»، ونفوا أن يكون الشاب قد أظهر أي إشارة عدائية طيلة فترة معرفتهم به، كما اندهش زملاؤه من تورّطه في عمل إرهابي «لأنه كان شاباً طبيعياً جداً يحبّ السهر والتسلية وكان هادئاً». وكشف بعض الأصدقاء أن جوهر عمل كـ «عامل إنقاذ» لفترة ولم تسجل بحقه أي شكوى تذكر. أما الشقيق الأكبر، تاميرلان، فكان طالب هندسة سابقاً، وانتقل الى ممارسة رياضة الملاكمة، وكانت لديه صفحة خاصة على موقع يوتيوب فتحها في شهر آب 2012، حيث أشار الى تفضيله عدداً من التسجيلات الإسلامية.
وبعد ساعات قليلة على انتشار صور الشابين واسميهما، أكد رجل قدّم نفسه على أنه والد الشقيقين تسارناييف أن «ولديه بريئان» واتهم «أجهزة الاستخبارات بالايقاع بهما». ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن الوالد أنزور تسارناييف من محج قلعة، عاصمة داغستان، قوله «في رأيي أن اجهزة الاستخبارات أوقعت بولدي لانهما مسلمان متدينان». وأضاف «لماذا قتلوا تاميرلان؟ كان يمكن أن يقبضوا عليه حيّاً». وتابع الرجل «ابني الصغير يختبئ الان. كنا ننتظر وصولهما لقضاء الإجازة»، موضحاً أن جوهر يدرس الطب في الولايات المتحدة. وفي هذا الاطار، قال رسلان تسارني الذي قدم نفسه على انه خال الشقيقين تسارناييف إنهما شبّا في قرغيزستان ووصلا الى الولايات المتحدة قبل ثماني سنوات.
من جهة اخرى، أكد الرئيس الشيشاني رمضان قديروف أمس أن الشقيقين تسارناييف غير معروفين في الشيشان، محملاً أجهزة الاستخبارات الاميركية المسؤولية عن هذه الماسأة. ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية عن الرئيس الشيشاني قوله «لا نعرف الاخوين تسارناييف، فهما لم يعيشا في الشيشان، بل عاشا ودرسا في الولايات المتحدة. ما حدث في بوسطن هو غلطة أجهزة الاستخبارات الاميركية». وأضاف قديروف «لقد أصبح من المعتاد ربط كل ما يحدث في العالم بالشيشان، والقاء اللوم على الشيشانيين حتى بشأن تسونامي»، مضيفاً «لكن الاتهام ليس دليلاً على ان هذين الشخصين شاركا في ما حدث».
روسياً، قال المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إن روسيا «تندد بكل الارهابيين بصرف النظر عن جنسياتهم». وقال المتحدث ديمتري بيسكوف في مدينة سوتشي جنوب روسيا «إن السلطات الروسية تنتظر معلومات رسمية من الولايات المتحدة بشأن الرجل القتيل والاخر المشبه فيه».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)