بعيد البلبلة التي أثارها تصريح الوزير البريطاني ديفيد ديفيس بشأن اتفاق «بريكست» الأولي، منح البرلمان الأوروبي، أمس، دعمه لبدء الجولة المقبلة من مباحثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك عبر التصويت لمصلحة مقترح بالاعتراف بأن المحادثات قطعت شوطاً كافياً.
وخيّم جوّ القلق الذي أثاره كلام ديفيس على موقف البرلمان الأوروبي الذي أكد، أمس، أن على بريطانيا أن تترجم «بشكل كامل وأمين» الاتفاق الأوليّ الذي تمّ التوصل إليه الأسبوع الفائت باتفاقية خروج نهائية. واعتبر رئيس البرلمان، أنطونيو تاجاني، التصويت «خطوةً مهمةً للمضي قدماً»، إلا أنه قال إنه لا يزال لدى أعضاء البرلمان مخاوف بشأن حقوق المواطنين الأوروبيين في بريطانيا ومسألة الحدود مع إيرلندا. وتضمّن قرار البرلمان الأوروبي غير المُلزِم والذي أيّده 556 نائباً وعارضه 62، فيما امتنع 58 عن التصويت، انتقاداً لاذعاً لديفيس، الوزير المكلّف ملف «بريكست»، إذ اعتبر أن تصريحاته التي أدلى بها الأسبوع الماضي «تجازف بتقويض» المفاوضات، رغم محاولاته إزالة اللبس عنها لاحقاً. ورأى الوزير البريطاني أن تصريحاته أسيء تفسيرها وأن الاتفاق «بالطبع ملزم قانوناً»، لكنه كرر التأكيد على أن غياب الاتفاق التجاري يعني غياب الاتفاق على سائر المسائل. وقد قال لشبكة «بي بي سي»، الأسبوع الماضي، إن بريطانيا لن تدفع تسوية مالية قدرها بين 40 و45 مليار يورو تمّ التوصل إليها الأسبوع الفائت، إذا لم يتم التوصل إلى «اتفاق تجاري» لدى انسحابها من الاتحاد. واعتبر كذلك أن الاتفاق الأولي الذي تمّ التوصل إليه نهاية الأسبوع الماضي يعدّ «اتفاق نوايا» وليس «ملزماً قانونياً»، في حين أكّدت بروكسل أن الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أصبح «اتفاقاً بين سادة محترمين»، وسيكون ملزماً قانونياً كجزء من اتفاق طلاق بريطانيا من التكتل.
ورأى تاجاني، أمس، أنه رغم القلق حيال المرحلة المقبلة، «علينا أن نضمن أن الاتفاق المشترك المقدم الأسبوع الماضي سيترجم بشكل كامل وأمين في نص اتفاقية الطلاق». وتابع أن «المناقشات بخصوص العلاقات المستقبلية لن تحصل ما لم يتم تطبيق المبادئ المتضمنة» في هذا الاتفاق.

بروكسل: الاتفاق «بين سادة محترمين»، وسيكون ملزماً قانونياً


وتنص قواعد التفاوض المقرر أن يتبناها قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الجمعة المقبل، على أن «المرحلة المقبلة من المباحثات ستبدأ حين تتم ترجمة التزامات اتفاق الطلاق بشكل أمين في إطار قانوني». ويشدّد الاتحاد الأوروبي على عدم بدء مباحثات التجارة حتى آذار المقبل، لإعطاء الحكومة البريطانية الوقت الكافي لتقديم «إيضاحات أكثر» بشأن ما تريده بالتحديد من العلاقة المستقبلية مع التكتل.
وكان الاتحاد الأوروبي قد حذر، أول من أمس، بريطانيا من «التراجع» بعد تصريحات ديفيس. وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف الخروج، ميشال بارنييه، إن «كافة نقاط اتفاقنا أغلقت الآن» و«لن نوافق على أي تراجع من طرف بريطانيا». بدوره، رأى مسؤول ملف «بريكست» في البرلمان الأوروبي، غي فرهوفشتاد، أن تصريحات ديفيس «غير مقبولة» ويمكن أن تؤدي إلى «تعقيد موقف» الاتحاد الأوروبي. وتابع «من الواضح أن المجلس الأوروبي سيكون صارماً أكثر الآن في طرحه... نريد أن تترجم هذه الالتزامات إلى نصوص قانونية قبل التقدم للمرحلة الثانية».
يأتي ذلك فيما اعتبر النائب الألماني في البرلمان الأوروبي، مانفريد فيبير، أن التأييد في بريطانيا ارتفع لمصلحة إعادة إجراء استفتاء ثانٍ بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد التعقيدات التي ظهرت في المرحلة الماضية والمتعلقة بالتوصل إلى اتفاق الخروج. وأضاف فيبير الذي يترأس أكبر كتلة برلمانية في البرلمان الأوروبي ويعدّ من أبرز حلفاء المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن استطلاعاً للرأي بيّن أنّ 50 في المئة من البريطانيين يرغبون في إعادة إجراء الاستفتاء. وانتقد كذلك تصريحات ديفيس التي اعتبر أنها قوضت الثقة التي حاول الأوروبيون منحها بشأن الاتفاق.
(الأخبار، أ ف ب)