لم ينتهِ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من تعيينات إدارته المقبلة، لكنه اختار حتى الآن ثلاثة جنرالات متقاعدين في مناصب حكومية عليا، ما يثير تساؤلات بشأن أسباب هذا التوجه نحو العسكر.
وأفادت وسائل إعلام أميركية، أول من أمس، بأن ترامب سيرشح الجنرال المتقاعد في سلاح مشاة البحرية جون كيلي الذي شارك في القتال في العراق، لمنصب وزير الأمن الداخلي، ما يعني أنه سيشرف على العديد من القضايا المثيرة للجدل، كالهجرة وأمن الحدود، وهي قضايا مهمة بالنسبة إلى ترامب.
وفي حال مصادقة مجلس الشيوخ على تعيين كيلي، فسينضم إلى الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس الذي عُيّن وزيراً للدفاع، والجنرال المتقاعد مايكل فلين الذي عيّن مستشاراً للأمن القومي. وماتيس بحاجة أيضاً إلى مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه.
وبالرغم من أن هؤلاء يملكون خبرة واسعة ومعرفة كبيرة، إلا أن عدد الجنرالات الكبير في الإدارة الجديدة يثير مخاوف البعض من أن يهدّد ذلك ما يعتبر حجر الزاوية في الديموقراطية الأميركية، أي إشراف المدنيين على الجيش والحكومة.

باحث: يمكن
الإشارة إلى مجلس ترامب العسكري
بدلاً من إدارته

وفي هذا الإطار، نقلت وكالة «فرانس برس» عن الجنرال المتقاعد ديفيد بارنو، الذي خدم في أفغانستان، قوله إنه «في حال كان هناك عدد ملحوظ (من العسكريين السابقين) في إدارتك، فهذا يثير تساؤلات بشأن ما إذا كانت هناك سيطرة مدنية كاملة على الأمة».
فضلاً عمّا تقدم، هناك اسم عسكري آخر مطروح، وهو الجنرال ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، لتولي منصب وزير الخارجية، كما أن هناك شائعات عن تكليف الأدميرال مايكل رودجرز في منصب رئيس الاستخبارات.
ويقول الباحث العسكري آندرو باسيفيتش لمجلة «تايم» إنه «مع تعيين جنرال آخر بثلاث أو أربع نجوم في منصب كبير، يصبح بإمكاننا الإشارة إلى مجلس ترامب العسكري، بدلاً من إدارة ترامب».
وكان ترامب قد انتقد في حملته الانتخابية وجود جنرالات في إدارة الرئيس الديموقراطي باراك أوباما، مؤكداً أنه يعرف أكثر عن تنظيم «داعش» منهم.
ولكن من الأسباب التي قد تكون وراء اختيار ترامب قادة من الجيش لإدارة مناصب مهمة وحساسة، هو أن الضباط في العادة لا يفصحون عن آرائهم السياسية، ما يعني أن عدداً قليلاً من الضباط الكبار انتقد حملة ترامب بشكل صريح، على عكس النواب والمدنيين الذين اختلفوا معه.
ويرجّح بارنو، في هذا المجال، أن يكون ترامب يشعر بالانبهار من خبرة الجنرالات. ويرى أنه «معجب للغاية بالجدية والخبرة والوقار، التي عبّر عنها بعض الجنرالات المتقاعدين خلال لقائهم به».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة أيوا، تيموثي هايغل، فيشير إلى أن الجنرالات لديهم صفات يقدّرها ترامب، وهي قدرتهم على «التحدث بصراحة بالغة» و«التركيز على المهمة بغض النظر» عن الانتماءات السياسية.
ومن أكبر المخاوف التي يثيرها وجود حكومة عسكرية، هو إمكانية أن يبدأ ترامب برؤية كل مشاكل العالم من منظار عسكري، من دون إعطاء مساحة كافية لأشكال أخرى من التأثير، كالدبلوماسية.
إلا أن الجنرال تشارلز دنلاب، وهو محامٍ سابق في سلاح الجو الأميركي وأستاذ في جامعة ديوك، يخالف هذه الفكرة، ويرى أن العكس هو الصحيح في غالبية الأحيان، مشيراً إلى أن الجنرالات الذين يعرفون ويلات الحرب أقل تشدداً أحياناً من القادة المدنيين. ويقول دنلاب، في مقال نشر على موقع «فوكس» الإلكتروني، إن «الجنرالات المتقاعدين لا ينادون بالحرب، في الأغلب هم أصحاب الأصوات التي تطالب باستنفاد الخيارات كافة، قبل استخدام القوة».
(الأخبار، أ ف ب)