مهدي السيد
حزب الله وسوريا سيشنان حرباً على إسرائيل في صيف عام 2007، وبالتالي على الدولة العبرية الاستعداد لاحتمال كهذا، ومعه إمكان مواجهة مع إيران أو حتى مع دول عربية توصف بالمعتدلة يمكن أن تتبدل السلطة فيها وتصبح جيوشها خطراً على النظام الصهيوني. هذه ليست سيناريوهات خيالية، بل تقديرات هيئة الأركان العامة الإسرائيلية

في موازاة مواصلة الجيش الإسرائيلي مسار التحقيقات الداخلية للوقوف على الأسباب الحقيقية للفشل الذي مُني به في عدوانه الأخير على لبنان، ووضع اليد على مكامن الخلل الفعلية ونقاط الضعف في جسمه وأدائه استعداداً لجولة مقبلة من العدوان ما فتئ يُبشر بها ويتوقعها، تواصلت أيضاً المداولات داخل هيئة الأركان العامة في محاولة لتقدير صورة الوضع المستقبلية في المواجهة مع حزب الله ومحاولة استقراء نياته.
وخلصت هيئة الأركان العامة إلى تقدير مفاده أن «سوريا وحزب الله قد يشنان حرباً على إسرائيل عام 2007»، وذلك في أعقاب سلسلة من المداولات التي جرت في الأسابيع الأخيرة. وعلى الرغم من أن هذا التقدير لا يتوقع، بحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، موعداً دقيقا للحرب إلا أنه جرى تحديد الصيف المقبل باعتباره الفترة الزمينة المحددة لتأمين الجهوزية العسكرية العليا لاسئناف الحرب.
وبحسب «هآرتس»، التي كشفت النقاب عن هذا التقدير، فقد تم خلال المداولات اتخاذ قرارين مرحليين هامين: تطوير منظومة لاعتراض صواريخ أرض ـــ أرض التي يبلغ قطرها 220 مليمتراً و302 مليمتراً، من النوع الذي أُطلق على حيفا ومستوطنات أخرى خلال الحرب، على أن يتم ذلك في غضون ثلاث سنوات؛ والامتناع عن إلغاء مشروع دبابة الميركافا.
وفي إجراء عملي مستمد من فرضية نشوب حرب عام 2007، جُمّد لمدة عام قرار وزير الدفاع السابق، شاؤول موفاز، بشأن تقصير الخدمة الإلزامية للذكور لفترة تراوح ما بين أربعة وثمانية أشهر، الذي كان مقرراً أن يسري ابتداءً من آذار 2007. كما تقرر أيضاً في هيئة الأركان العامة، زيادة عمل الاحتياطيين في الوحدات الميدانية بصورة ملموسة خلال السنة المقبلة، وذلك لضرورات تتعلق بتدريب فرق الاحتياط وتحضيرها للجهوزية القتالية، ومن أجل تمكين الوحدات النظامية المنهمكة بالعمل في المناطق الفلسطينية وعلى طول الحدود بإجراء تدريبات مشابهة.
كما اقترح الجيش الإسرائيلي أيضاً، بهدف تركيز جهوده على الجبهة فقط خلال الحرب، التخلص من عبء الجبهة الداخلية، ونقلها كسلطة مدنية إلى وزارة الداخلية، أو إلى أي وزارة أُخرى تقرر الحكومة بشأنها.
ووفق ما نشرته «هآرتس»، فإن رئيس الأركان، دان حالوتس، أجمل، في ختام سلسلة المداولات، اتجاهات العمل الرئيسية التي تُستمد من خمس نقاط رئيسية:
- النقطة الأولى هي الاستعداد لاندلاع حرب على الجبهة الشمالية، حيث يتوقع صدور مبادرة حربية ضد إسرائيل من سوريا أو حزب الله، بشكل منفرد أو مشترك وبتأييد من إيران. ويتوقع خطر وقوع مثل هذه المبادرة خلال العامين المقبلين. ومن شأنها بلوغ ذروتها في أشهر الربيع والصيف من عام 2007. وتقدر شعبة الاستخبارات العسكرية أنه بقي في لبنان نحو خمسة آلاف صاروخ كاتيوشا حتى بعدما قام الجيش الإسرائيلي بعمليات بحث وتفتيش في «المحميات الطبيعية» التابعة لحزب الله.
- النقطة الثانية هي اللجوء إلى قتال غير متماثل، إذ إن «دولاً عربية معادية، وعلى رأسها سوريا، ومنظمات عسكرية وعلى رأسها حزب الله، تنازلت حتى قبل المعركة في لبنان ـــ وبقدر أكبر كعبرة منها ـــ عن الدخول في مواجهة وصدام مباشر مع تفوق الجيش الإسرائيلي في الجو وعلى صعيد سلاح المدرعات، والذي سيحبط أي نيات لتدمير إسرائيل بواسطة عملية برية تهدف إلى احتلالها. والبديل الذي اختاروه، لتجنب هذا التفوق، هو استنزاف متواصل واستخدام سلاح مشاة غني بالوسائل المضادة للدبابات، وفرق كوماندوس، وسلاح منحني المسار وأنفاق. في المقابل، يتطلع الجيش الإسرائيلي إلى تحقيق جهوزية حقيقية، على أن يكون قسم من هذه الجهوزية علنياً بهدف الردع، وإذا فشل الردع، توفير إنجاز عسكري سريع وفق ما سيحدّده المستوى السياسي».
- النقطة الثالثة هي تزايد عمليات المنظمات الفلسطينية، وبتوجيه أكثر علانية من حكومة حماس؛ فتعاظم بناء القوة في غزة خلال الأشهر الأخيرة، والموقف الرافض قبول شروط الرباعية الدولية للقبول بإسرائيل ووقف العمليات واحترام الاتفاقات السابقة، تجعل كفة الميزان في هيئة الأركان تميل باتجاه الكفة الهجومية، على الرغم من أن الحسم يبقى في يد المستوى السياسي.
- النقطة الرابعة تتعلق بالتحديات عن مسافات بعيدة، في إشارة إلى إيران التي تُعدّ خطراً متزايداً على الرغم من أنها ليست على عتبة تنفيذ تهديداتها خلال سنة العمل المقبلة.
- النقطة الخامسة، تتطرق إلى العتاد الغربي المتطور لدى جيوش المنطقة التي تقيم حكوماتها علاقات سلام مع إسرائيل، أو التي لا تتخذ موقفاً ناشطاً تجاهها، والتي من شأنها أن تتحول إلى خطر فوري وخطير في أعقاب سقوط تلك الحكومات، أو نتيجة نشوب حروب وراثة في أعقاب سقوط الحُكام الحاليين، وصعود أنظمة معادية. في هذا السياق، سيستمر الجهد لتنفيذ الالتزام الأميركي بالمحافظة على «التفوق النوعي» للجيش الإسرائيلي، عبر وضع أنظمة الأجيال الأكثر تطوراً في منظومات السلاح الأميركية في خدمة إسرائيل، بينما تتطلع الدول العربية المعتدلة (حتى الآن) إلى المنظومات القديمة.