الجزائر ــ حياة خالد
جاء انفجار قنبلة في سوق شعبي في مدينة قسنطينة في شرق الجزائر أمس، أودى بحياة شرطي وجرح آخرين، نوعاً من الردّ على تصريح وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني، أوّل من أمس، الذي قال إنّ تنظيم «القاعدة» هو بضعف الجماعات المسلحة غير الخارقة، التي تواصل قوّات الأمن دحرها، وكرسالة لمنظّمي الانتخابات التشريعيّة المنوي عقدها اليوم.
وكان زرهوني قد أكّد، على هامش زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى ولاية عنابة شرق البلاد، أنّ الإجراءات اللازمة لمواجهة أي خطر «إرهابي» خلال الاقتراع جارية، مشدّداً على أنّ بلاده «لم تتوقف عن مكافحة الإرهاب حتى بعد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي كان فرصة لتوبة الإرهابيين، ومن لم يستغلها فإن الدولة له بالمرصاد».
والملاحظ أنّ حتى خروج بوتفليقة بعد طول غياب عن الميدان يحمل بين طياته رسالتين. مغزى الأولى «قطع ألسنة» الذين يقولون إنه انتهى وإنّ صحته لا تسمح له بالبقاء في الحكم، لدرجة أن بعض الكواليس تحدّثت عن مشاورات على مستوى الجيش، تبحث عن شخصية أخرى تخلفه.
أمّا الرسالة الثانية، فالمراد منها إفهام الرأي العام أنّ الجزائر بخير وهي مقبلة على انتخابات ستسير على ما يرام وأن الخطر الإرهابي لن يعرقل هذا المسار، رغم تفجيرات نيسان الماضي التي تبنّاها تنظيم «القاعدة»، الذي اعتُقد أنّه قد قُضي على نتاجه منذ نهاية التسعينيّات.
وقضيّة الإرهاب في الجزائر، التي يتّخذها التنظيم المذكور مركزاً له في المغرب العربي، تعود إلى تاريخ الجماعات المسلّحة، التي تسعى إلى تدمير النظام لأنها لم تغفر له إلغاء المسار الانتخابي عام 1992، وتمكينها من بناء الدولة الإسلامية التى تحلم بها. فقد تمّ حينها حلّ «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، التي انبثقت منها «الجماعة المسلحة» ومنها ولدت «الجماعة السلفية» عام 1998.
وعبّدت هذه الخطوات الطريق أمام نشأة «القاعدة» في المغرب، حيث ذكرت معلومات استخبارية أنّ «الجماعة السلفية»، التي يتزعّمها نبيل صحراوي، كانت لها اتصالات مع زعيم «القاعدة» في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي، عام 2004، وفي عام 2006 أعلنت انضمامها الرسمي إلى «القاعدة» وولاءها لزعيمه أسامة بن لادن، بعد ضعفها ومقتل معظم قيادييها، ما حتّم عليها تكتيكات مختلفة.
ويبقى التساؤل مطروحاً عن مدى استتباب الأمن في البلاد، ومدى حجم الأخطار التي يشكّلها «القاعدة» في الجزائر، وخصوصاً في أوقات الاستحقاقات السياسيّة، كانتخابات اليوم.