الديموقراطيون يسعون لاستقطاب جمهوريين إلى معسكر مناهضي الحرب بعد أيام من تضمّن تقرير قائد قوات الاحتلال في العراق دايفيد بيترايوس والسفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر اتهامات لسوريا بالعمل «السلبي» على زعزعة الاستقرار السياسي والأمني للعراق، عاد بيترايوس نفسه، ومعه مسؤولو استخبارات رسميون أميركيون، أمس للإقرار بأنهم سجّلوا تناقصاً ملحوظاً لعدد المقاتلين الأجانب الذين يدخلون إلى العراق من طريق سوريا خلال الأشهر الأخيرة، مشيرين إلى أنّ دمشق تبدي المزيد من الدعم للمجموعات المناهضة لتنظيم «القاعدة».ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» أمس عن بيترايوس قوله إنّ عدد المقاتلين الذين يدخلون إلى العراق عبر الحدود السورية «انخفض إلى النصف أو الثلثين خلال الشهرين أو الثلاثة الماضية»، مشيراً إلى أن معدّل هذا العدد كان بحدود «80 إلى 90 مقاتلاً كل شهر»، ولافتاً إلى أن قيادته لا تعرف السبب الحقيقي وراء هذا الانخفاض، «لكننا نلحظه على الأرض».
ونسبت الصحيفة إلى مسؤول في الاستخبارات الأميركية، لم تكشف عن هويته، قوله: «يبدو السوريون كأنهم يتخذون المزيد من الخطوات الصارمة ضد عبور بعض الإرهابيين الأكثر تشدّداً عبر البلاد (سوريا)، وتحديداً مناصري القاعدة من المقاتلين الأجانب». وأضاف أن «هناك دليلاً على أن السوريين قطعوا طرق العودة عبر بلادهم للمقاتلين العائدين من العراق».
وفيما أكّد مسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية هذا الأمر، عادوا واعترفوا بأنهم «غير مستعدّين بعد لاعتبار ذلك عملاً سورياً». وعبّروا عن اعتقادهم بأن هذا الانخفاض عائد إلى «تزايد العمليات العسكرية الأميركية ضد القاعدة داخل العراق»، مضيفين أن السبب الآخر يكمن في «تزايد تعاون الدول التي تُعَدُّ مصدراً للإرهاب كالسعودية، لمنع سفر هؤلاء المقاتلين إلى دمشق».
وفي السياق، كشف مسؤول في الاستخبارات الأميركية أن السعوديين لا يزالون يشكلون «المجموعة الأكبر» من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم «القاعدة» في العراق.
في هذا الوقت، بعدما فشلت جميع محاولات أعضاء الحزب الديموقراطي في مجلسي الكونغرس الأميركي في الأشهر الأخيرة على إجبار البيت الأبيض على تغيير استراتيجية الحرب في العراق، يبدو أنّ خططاً ستبدأ بالظهور ابتداءً من الأسبوع الجاري من قادة هذا الحزب لمحاولة الحصول على 60 صوتاً إضافياً في الكونغرس يجب عليهم تأمينهم لتحدّي استراتيجية الرئيس جورج بوش في البقاء بعدد قوات عسكرية يفوق 100 ألف جندي حتّى عامين في بلاد الرافدين.
وذكرت مصادر قيادية في الحزب الأميركي المعارض لاستمرار الحرب في العراق، الذي يملك منذ تشرين الثاني الماضي الغالبية من أعضاء مجلسي الكونغرس، أنّ معارضي الحرب سيكتفون باعتماد سلسلة خطوات تدريجية تكتفي بالمطالبة بسحب عدد من الجنود مطلع العام المقبل، أو ترك الموعد النهائي للانسحاب مفتوحاً، رغم تعهّد بعض الديموقراطيين، وخصوصاً المرشّح الرئاسي السيناتور باراك أوباما والسيناتور الليبرالي روس فاينغولد، بمواصلة السعي من أجل تحديد موعد زمني ملزم، ما يشير إلى احتمال حدوث خلاف على هذه المسألة داخل صفوف الحزب الديموقراطي.
وقال السيناتور الديموقراطي جوزف بيدن، للصحافيين يوم الجمعة الماضي، إنّ حزبه سيبدأ حرباً على ثلاث جبهات ضدّ استراتيجية بوش، بغية الحصول على 60 صوتاً جمهورياً.
وسيحاول الديموقراطيون في البداية إجبار الإدارة على سحب القوات من العراق بوتيرة أسرع بكثير مما أعلنه بوش حين قال إن عديد القوات في العراق سينخفض إلى 130 ألف جندي في منتصف 2008.
أمّا الجزء الثاني من الخطّة، فيقضي بـ«التعهّد المطلق» بتمويل أية مبادرات من شأنها أن تحمي الجنود الأميركيين المنتشرين في بغداد.
والجزء الثالث والأخير هو أن الديموقراطيين سيضعون اقتراحاً لحلّ سياسي في العراق، يقوم على إقامة نظام فدرالي غير مركزي بين الشيعة والسنة والأكراد.
ومن المرجّح أن يطرح الديموقراطيون للنقاش الأسبوع الجاري تعديلاً على مشروع قرار قدّمه السيناتور عن ولاية فيرجينيا جيم ويب (المحارب السابق في حرب فيتنام)، ينصّ على أن يُمضي الجنود الأميركيون وقتاً في وطنهم، يساوي المدة نفسها التي أمضوها في آخر مهمة لهم في الخارج قبل إرسالهم من جديد، وذلك لخفض عدد الجنود الأميركيين الذين يمكن إرسالهم إلى العراق.
ووصف وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، الذي قال أول من أمس إنه يرغب في أن تكون وتيرة خفض عدد قوات بلاده أسرع من تلك التي أوصى بها تقرير كروكر ـــــ بيترايوس وتبنّاها بوش، الاقتراح بأنه مبادرة «حسن نية»، لكنه رأى أن من شأنه زيادة فترة مهمة الوحدات الموجودة حالياً في العراق، لأنه سيدفع إلى استدعاء أعداد إضافية من الحرس الوطني وقوات الاحتياط والقيام بتعديلات أخرى «ستضع مزيداً من الضغوط على هذه القوة وتخفف من فعاليتها القتالية».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)