القاهرة - الأخبار
شهد الوسط السياسي والإعلامي في مصر، أمس، يوماً أسود في تاريخ الصحافة، بعدما قضت محكمة جنح في القاهرة بحبس رؤساء تحرير أربع صحف مستقلة دفعة واحدة لمدة سنة، بعد إدانتهم بنشر أخبار كاذبة «من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة»، وذلك وسط مخاوف من تكرار التجربة الشهيرة لأيلول 1972، التي اعتقل فيها الرئيس المصري الراحل أنور السادات نحو 1500 من مناوئيه من مختلف التيارات السياسية والدينية.
وقضت محكمة جنح «العجوزة» بالحبس سنة لكل من رؤساء تحرير صحيفة «الدستور» إبراهيم عيسى و«الفجر» عادل حمودة و«صوت الأمة» وائل الأبراشي ورئيس التحرير السابق لصحيفة «الكرامة» عبد الحليم قنديل.
كما قضت المحكمة بتغريم كل منهم 20 ألف جنيه، بعدما أدانتهم بموجب المادة 188 من قانون العقوبات، التي تعاقب بالحبس كل من «ينشر أخباراً كاذبة من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة» للبلاد.
وسمحت المحكمة بالإفراج عنهم بكفالة قدرها عشرة آلاف جنيه لكل منهم، إلى حين الاستئناف إن هم قرروا الطعن في الحكم.
وأكد القاضي، في حيثيات حكمه، أن كل ما نشر في شأن الحزب الوطني وقياداته «يمس كيان الدولة ويؤثر في أفرادها وقياداتها وقيادات الحزب الوطني الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك».
في المقابل، وصف حمودة الحكم بأنه قاس، مشيراً إلى أن «صحف الحكومة حرّضت طوال الفترة الأخيرة للوصول إليه».
أما قنديل، فقد رأى بدوره أن القضية هي «حسبة سياسية».
ورأت نقابة الصحافيين، في بيان، أن «هذا يوم أسود في تاريخ الصحافة، والحكم إعلان حرب على حرية الصحافة»، وأن هذا الحكم «غير مسبوق في تاريخ القضاء وفي تاريخ الصحافة المصرية».
وأكد البيان أن النقابة «لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الهجمة»، ودعت رؤساء تحرير الصحف المستقلة والحزبية وكل أعضائها إلى اجتماع عاجل الأحد المقبل «لتدارس كل الوسائل الكفيلة برد هذا العدوان».
وكان عضوان في الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، قد رفعا دعوى على رؤساء التحرير الأربعة قبل نحو عام، يتهمونهم فيها بإهانة رئيس الجمهورية وقادة الحزب الوطني.
وبرأت المحكمة الصحافيين من تهمة إهانة الرئيس، لكنها أدانتهم بنشر أخبار كاذبة، فيما يبقى بإمكانهم الطعن في هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف، ما يؤدي إلى وقف تنفيذه.
من جهته، قال محامي المتهمين محمود قنديل إن «هيئة الدفاع صدمت بهذا الحكم الذي يأتي في مسلسل إرهاق للعدالة وللمتقاضين، من بينهم الصحافيون الذين بات شغلهم الشاغل اللهاث وراء الدعاوى القضائية المقامة ضدهم في المحاكم».
وفي السياق، أحال المجلس الأعلى للصحافة، خلال اجتماعه الخاص برئاسة صفوت الشريف، تقريري لجنة الممارسة الصحافية واللجنة القانونية عن كيفية تناول الصحف شائعة مرض مبارك، إلى نقابة الصحافيين لتنفيذ قانون النقابة بمساءلة الصحافيين الذين نسب إليهم التقريران ما وقع من تجاوزات في أسلوب معالجة الشائعة والترويج لها.
وفيما بدت وكأنها محكمة تفتيش جديدة، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن أعضاء المجلس أجمعوا في مناقشاتهم التي استمرت نحو 4 ساعات وتحدث فيها أكثر من 30 صحافياً على ثبوت ما وقع من تجاوزات.
وكان المجلس قد بدأ اجتماعه بكلمة من رئيسه الشريف، القيادي البارز في الحزب الحاكم، اعتبر خلالها أن «التجاوز والخطأ بلغ مداه عندما تلقفت بعض الصحف شائعة مختلقة بمرض الرئيس، وهي شائعة ليست كغيرها من الشائعات، بل هي شائعة يعلم مداها وخطورتها كل فاهم أو واع أو مدرك ومثقف، وأنه لذلك كان على المجلس أن تكون له وقفة واضحة ومحددة وحاسمة في هذا الشأن».